للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبالجملة: كان نادرة عصره في علمه وذكائه، ومن تصانيفه: «الشفاء» في الحكمة و «النجاة» و «الإشارات» و «القانون في الطب» وغير ذلك مما يقارب مائة مصنف ما بين مختصر منها ومطول، وله رسائل بديعة، منها «رسالة الطير»، وكتبه كلها فلسفية لا ينشرح لها صدر متدين.

وعن الشيخ شهاب الدين السهروردي أنه غسل كتابه الموسوم «بالشفاء» بإشارة قدسية نبوية، يعني بإشارة النبي صلّى الله عليه وسلم.

كان يقال: إشاراته فشارات، ونجاته هلاك، وشفاؤه سقم.

وكان الشيخ كمال الدين بن يونس يقول: إن مخدومه سخط عليه، واعتقله، ومات في السجن، وكان ينشد: [من المتقارب]

رأيت ابن سينا يعادي الرجال ... وفي السجن مات أخس الممات

فلم يشف ما نابه بالشفاء ... ولم ينج من موته بالنجاة

إشارة إلى كتابيه المذكورين أولا.

قال الشيخ اليافعي: (وقد ذكر أنه تاب واشتغل بالتنسك، فإن صح ذلك .. فقد أدركه الله تعالى بسابق عنايته وواسع رحمته حتى أحدث فيه لا حق توبته) اهـ‍ (١).

قال ابن خلكان: (كان ابن سينا قوي المزاج، يغلب عليه قوة الجماع، حتى أضعفته ملازمته، وعرض له قولنج، فعالجه مرارا، فكان يصح أسبوعا ويمرض كثيرا، وطرح بعض غلمانه في بعض أدويته شيئا كثيرا زائدا على ما رسمه الطبيب، فعجزت المعالجات عن شفائه، وأشرفت قوته على السقوط، فأهمل المداواة، واعترف بالعجز عن تدبير نفسه، ثم اغتسل، وتاب وتصدق بما معه على الفقراء، ورد المظالم على من عرفه، وأعتق مماليكه، وجعل يختم في كل ثلاثة أيام ختمة، ثم توفي بهمذان في شهر رمضان في سنة ثمان وعشرين وأربع مائة.

ومن شعره القصيدة العينية التي يقول في أولها: [من الكامل]

هبطت إليك من المحلّ الأرفع ... ورقاء ذات تعزّز وتمنّع

يعني النفس) (٢).


(١) «مرآة الجنان» (٣/ ٥١).
(٢) «وفيات الأعيان» (٢/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>