للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهد العقبة وبدرا، وقيل: لم يشهدها (١)، وشهد باقي المشاهد كلها.

وفيه وفي سعد بن معاذ سمع صالح الجن على أبي قبيس يقول: [من الطويل]

وإن يسلم السّعدان يصبح محمّد ... بمكّة لا يخشى خلاف مخالف

فظنت قريش أنه يعني: سعد بن مناة من تميم، وسعد هذيم من قضاعة، فسمعوا قائلا يقول: [من الطويل]

أيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا ... ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف

أجيبا إلى داعي الهدى وتمنّيا ... على الله في الفردوس منية عارف

وإنّ ثواب الله للطالب الهدى ... جنان من الفردوس ذات زخارف

ولما توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم .. طمع سعد في الخلافة، وجلس في سقيفة بني ساعدة ليبايع لنفسه، فجاء إليه أبو بكر وعمر، فبايع الناس أبا بكر وعدلوا عن سعد، فلم يبايع سعد أبا بكر ولا عمر، ولم يشق العصا ولم ينزع يده من طاعة (٢)، وسار إلى الشام فأقام به إلى أن توفي سنة خمس عشرة أو أربع عشرة، وقيل: ست عشرة، وأما من قال:

سنة إحدى عشرة .. فشاذ وغلط.

قال الحافظ ابن عساكر وغيره: (وهذا القبر المشهور في المنيحة (٣) القرية المعروفة بغوطة دمشق يقال: إنه قبر سعد بن عبادة، فيحتمل أنه نقل من حوران) (٤).

قالوا: ووجد ميتا على مغتسله وقد اخضرّ جسده، يقال: إن الجن قتلته، وسمعوا بالمدينة قائلا يقول-ولم يروه-: [من الهزج]

نحن قتلنا سيّد الخزر ... ج سعد بن عباده

ورميناه بسهمين ... فلم نخطئ فؤاده (٥)

رضي الله عنه.


(١) وقال الحافظ في «الإصابة»: (وأثبت البخاري شهوده إياها)، انظر «التاريخ الكبير» (٤/ ٤٤) للبخاري.
(٢) انظر حديث السقيفة في حوادث السنة الحادية عشرة (١/ ٢٧٣).
(٣) وتعرف اليوم باسم (المليحة)، تقع في شرقي دمشق، وتكاد تتصل بها.
(٤) «تاريخ دمشق» (٢/ ٤٢٠)، وأما وفاته بحوران .. فقد أخرجها ابن عساكر (٢٠/ ٢٦٧)، والحاكم (٣/ ٢٥٢)، وابن سعد (٣/ ٥٦٩).
(٥) الأبيات في «مستدرك الحاكم» (٣/ ٢٥٣)، و «طبقات ابن سعد» (٣/ ٥٧٠)، قال اليافعي في «مرآة الجنان» (١/ ٧١): (قوله: «نحن» من الخزم المعروف في علم العروض-بالخاء المعجمة-، وهو ما يزاد في أول البيت زائدا على وزنه، وأكثر ما يكون أربعة أحرف).

<<  <  ج: ص:  >  >>