للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجملت الدنيا بأنك فوقها ... ومثلك حقا من به يتجمل

وعليه اشتغل الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، وقال في حقه: (لم أر أكمل اجتهادا، وأشد تحقيقا، وأجود نظرا منه، قال: لازمت مجلسه بضع عشرة سنة، ودرّست أصحابه في مسجده سنين بإذنه، ورتبني-أو قال: استنابني-في حلقته) (١).

واستوطن بغداد، وولي القضاء بربع الكرخ بعد موت أبي عبد الله الصيمري، ولم يزل على القضاء إلى أن توفي سنة خمسين وأربع مائة، قيل: عمره مائة وستون سنة، وقيل: مائة وعشرون سنة، ولعله الصواب كما يفهم ذلك من تاريخ مولده (٢)، ومع ذلك لم يهن له عظم، حكي أنه أتى على نهر أو مكان يحتاج إلى طفرة كبيرة، فطفره ولم يختل عقله، ولم يتغير فهمه، يفتي، ويستدرك على الفقهاء الخطأ، ويقضي، ويحضر المواكب في دار الخلافة إلى أن مات. مذكور في الأصل.

١٩١٩ - [الإمام الماوردي] (٣)

أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي-نسبة إلى بيع الماورد-البصري- بالموحدة-الإمام الشهير، مصنف «الحاوي الكبير» و «التفسير» و «الإقناع» و «أدب الدين والدنيا» و «الأحكام السلطانية» و «قانون الوزارة» و «سياسة الملك» وغير ذلك.

قيل: إنه لم يظهر شيئا من تصانيفه في حياته، بل جمع جميعها في موضع وقال لشخص يتولاه: الكتب التي في المكان الفلاني كلها تصنيفي، وإنما لم أظهرها؛ لأني لم أجد نية خالصة لله تعالى، فإذا عاينت الموت، ووقعت في النزع .. فاجعل يدك في يدي، فإن قبضت عليها وعصرتها .. فاعلم أنه لم يقبل مني شيء منها، فألقها في دجلة، وإن بسطت يدي ولم أقبض على يدك .. فاعلم أنها قد قبلت وقد ظفرت بما كنت أرجوه، ففعل الوصي ذلك، فبسط يده ولم يقبضها على يده، فعلم أنها علامة القبول، فأظهر كتبه بعده.


(١) «طبقات الفقهاء» (ص ١٢٨).
(٢) أجمعت مصادر الترجمة على أن مولده كان سنة (٣٤٨ هـ‍)، وعليه فيكون عمره مائة وسنتين، كذا في مصادر الترجمة خلافا لليافعي، وما ذكره المصنف رحمه الله تعالى تبع فيه اليافعي في «مرآة الجنان» (٣/ ٧١).
(٣) «تاريخ بغداد» (١٢/ ١٠١)، و «المنتظم» (٩/ ٤١٣)، و «الكامل في التاريخ» (٨/ ١٦٣)، و «وفيات الأعيان» (٣/ ٢٨٢)، و «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٦٤)، و «تاريخ الإسلام» (٣٠/ ٢٥٢)، و «مرآة الجنان» (٣/ ٧٢)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (٥/ ٢٦٧)، و «البداية والنهاية» (١٢/ ٥٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>