للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحول بن نجاح يقتل عليا الصليحي، فرقت همة سعيد إلى ذلك، وتهيأ لأسبابه، وتوجه الصليحي إلى مكة في ألفي فارس فيها خمسون ملكا من ملوك اليمن.

قال جياش: فسرنا طريق الساحل، وتركنا الجادة السلطانية؛ خوفا من العسكر، فلما علم الصليحي بخروجنا .. سير من ركابه خمسة آلاف حربة من الحبشة أكثرهم مماليكنا وبنو عمنا وقال لهم: خذوا رأس الأحول ورأس أخيه ومن معهما، قال: فخالفناهم في الطريق إلى أن دخلنا طريق المخيم وأهل المخيم يعتقدون أنا من جملة العسكر وحواشيه ولم يشعر بنا إلا عبد الله بن محمد الصليحي أخو الداعي، فركب فرسه وقال لأخيه: اركب؛ فهذا- والله-الأحول، فقال: إني لا أقتل إلا عند الدهيم وبئر أم معبد؛ ظنا منه أنها التي مر عليها النبي صلّى الله عليه وسلم في هجرته، فقال له شخص: هذا الدهيم، وهذا البئر يسمى:

بئر أم معبد، فأيقن الصليحي بالموت، ودخل موضع الخلاء، فلحقه جياش وقتله وحز رأسه، وركب فرسه الذبال (١)، ثم قتل أخوه (٢)، ثم كانت الهزيمة في عسكره، وأرسل سعيد الأحول إلى الحبشة الذين سيرهم الصليحي لقتل سعيد الأحول وأصحابه وقال لهم:

إني أخذت بثأري، واستنقذت الملك الذي أخذ مني، وأنتم أصحابنا وبنو عمنا، فرجعوا إليه، واستعان بهم في قتل أصحاب الصليحي، واستولى على محطة الصليحي بأسرها، وأسر أسماء بنت شهاب زوج الصليحي، ودخل بها إلى زبيد، فأشار عليه جياش بأن يردها إلى ابنها المكرم ويعفو عن بقية آل الصليحي، وأنه إن فعل ذلك .. لم ينازعه قحطان في ملك تهامة أبدا، وإن خالف ذلك .. لتهجمن حفائلها، ولتطلبن بثأرها؛ فإنهم أهل نفوس أبية، وهمم عربية، فلم يجبه إلا بقول القائل: [من البسيط]

لا تقطعن ذنب الأفعى وتتركها ... إن كنت شهما فأتبع رأسها الذنبا

ثم إن المكرم غزا زبيد، واستنقذ أمه من الأسر، وقتل من الحبشة عالما، وهرب سعيد الأحول إلى دهلك كما ذكرناه في ترجمة الملك المكرم (٣)، ورجع المكرم إلى صنعاء، وترك خاله أسعد بن شهاب بزبيد، ثم عاد سعيد بن نجاح إلى زبيد في سنة تسع وسبعين وأربع مائة، فأخرج ولاة المكرم منها، ولم يزل مالكها إلى أن دبرت الحرة السيدة بنت أحمد زوج المكرم على قتله بأن أمرت الحسن بن علي التبعي صاحب حصن الشعر أن يكاتب سعيدا


(١) في (م): (الذيال)، وفي «اللطائف السنية» (ص ٧٢): (الديان).
(٢) في هامش (ت): (أخوه؛ أي: عبد الله بن محمد الصليحي).
(٣) بل ستأتي ترجمته في العشرين بعد هذه، انظر (٣/ ٥٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>