للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبنى المدارس والربط والمساجد في البلاد، فاقتدى به الناس.

أسمع نظام الملك الحديث، وكان يقول: إني لأعلم أني لست أهلا لذلك، ولكني أريد أن أربط نفسي في قطار النقلة لحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

ويروى له من الشعر قوله: [من مخلع البسيط]

بعد الثمانين ليست قوة ... قد ذهبت شرة الصّبوّة

كأنني والعصا بكفي ... موسى ولكن بلا نبوة

وقيل: إن هذين البيتين لأبي الحسن محمد بن أبي الصقر الواسطي.

توجه في صحبة مخدومه ملك شاه إلى أصبهان، فلما كان ليلة عاشر رمضان من سنة خمس وثمانين وأربع مائة .. أفطر، وركب في محفته، فلما بلغ إلى قرية قريبة من نهاوند ..

قال: هذا الموضع قتل فيه خلق كثير من الصحابة رضي الله عنهم في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فطوبى لمن كان منهم، فاعترضه صبي ديلمي على هيئة الصوفية معه قصة (١)، فدعا له، وسأله تناولها، فمد يده ليأخذها، فضربه بسكين في فؤاده، فحمل إلى مضربه فمات، وقتل القاتل في الحال، وركب السلطان إلى معسكره فسكنهم، وحمل إلى أصبهان، ودفن بها.

وقيل: إن السلطان سئم طول حياته، واستكثر ما بيده من الإقطاعات، فدس إليه من قتله، ولم يعش السلطان بعده إلا خمسة وثلاثين يوما.

وقيل: إنه قتل بسبب تاج الملك أبي الغنائم المرزبان؛ فإنه كان عدو نظام الملك، وكان كبير المنزلة عند مخدومه ملك شاه، فلما قتل .. رتبه موضعه في الوزارة، ثم إن غلمان نظام الملك وثبوا عليه فقتلوه، وقطعوه إربا إربا بعد قتل نظام الملك بدون أربعة أشهر.

وكان نظام الملك من حسنات الدهر، ورثاه شبل الدولة أبو الهيجاء مقاتل بن عطية البكري فقال: [من البسيط]

كان الوزير نظام الملك لؤلؤة ... نفيسة صاغها الرحمن من شرف


(١) في «مرآة الجنان» (٣/ ١٣٨): (قصعة)، ولعله تصحيف؛ لأن الذهبي في «تاريخ الإسلام» (٣٣/ ١٤٥) قال: ( ... فناوله ورقة ... ).

<<  <  ج: ص:  >  >>