للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢١٤٧ - [فاتك بن جياش] (١)

أبو منصور فاتك بن جياش بن نجاح الحبشي الجزلي، ملك تهامة.

ولد سنة اثنتين وثمانين وأربع مائة، وفي ليلة ميلاده ولي أبوه الملك كما تقدم في ترجمة أبيه (٢)، فلما نشأ .. علمه أبوه وأدبه وهذبه، وتفقه حتى كان من أكمل الرجال وأعقلهم، وأشدهم بأسا وأكملهم.

فلما توفي أبوه في التاريخ المذكور .. ولي الملك بعده، فخالف عليه أخواه إبراهيم بن جياش وعبد الواحد بن جياش، ووقع بينهما عدة وقائع، فظفر فاتك بعبد الواحد، فعفا عنه وأكرمه وأرضاه، وهرب إبراهيم بن جياش إلى الجبل، فنزل على أسعد بن وائل الوحاظي، فقابله بالقبول والإكرام.

ولم تطل مدة ولاية فاتك، بل توفي في سنة ثلاث وخمس مائة، فأقام عبيده ابنه منصور بن فاتك بن جياش مقامه في الملك، وكان إذ ذاك دون البلوغ، فقام بدولته عبيد أبيه.

فلما علم إبراهيم بن جياش بموت أخيه فاتك .. نزل من الجبل، وقصد زبيد في جيش جرار، فخرج إليه عبيد أخيه فاتك، فالتقوا في قرية الهويب، وكانت وقعة شديدة، فلما خلت زبيد من العسكر .. ثار عبد الواحد بن جياش في زبيد فملكها، فاحتمل الأستاذون والوصفان مولاهم منصور بن فاتك وهربوا به، وأدلوه من سور البلد ليلا؛ خوفا عليه من عبد الواحد، فلحق بعبيد أبيه فاتك إلى الهويب، وتسلل الناس عنهم، ورجعوا إلى عبد الواحد بزبيد، وكانت العساكر كلها تحت عبد الواحد، فلما رأى إبراهيم بن جياش أن أخاه قد سبقه إلى الملك .. توجه إلى الحسن بن أبي الحفاظ الحجوري، وسار منصور بن فاتك إلى المفضل بن أبي البركات الحميري، وإلى الحرة السيدة بنت أحمد الصليحية بذي جبلة، فأكرمت مثواهم، ووعدتهم النصر، والتزم عبيد فاتك للمفضل بن أبي البركات بربع خراج البلاد، فسار معهم إلى زبيد، فأخرج عبد الواحد من زبيد، وملكها لمنصور بن فاتك.


(١) «السلوك» (٢/ ٥٠٨)، و «بهجة الزمن» (ص ٩٤)، و «سير أعلام النبلاء» (١٩/ ٢٣٤)، و «تاريخ ابن خلدون» (٤/ ٢٧٧)، و «طراز أعلام الزمن» (٣/ ٨)، و «تحفة الزمن» (٢/ ٤٦١).
(٢) انظر (٣/ ٥٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>