للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن نجيب الدولة من جبلة ونواحيها، وأوقع بمن لقيه منهم العقاب الشديد، حتى لم يبق إلا من كان منتسبا إلى السيدة بخدمة، أو داخلا في جملة الرعايا، فغزا زبيد في التاريخ الآتي ذكره (١)، ثم قدم من مصر رسول يسمى: الأمير الكذاب، فاجتمع بابن نجيب الدولة في جبلة في مجلس حافل، فلم يحتفل به ابن نجيب الدولة، وربما أغلظ له في القول، وأراد أن يغض منه فقال له: أنت والي الشرطة بالقاهرة، فقال: أنا الذي ألطم خيار من فيها عشرة آلاف نعل، فالتصق به أعداء ابن نجيب الدولة، فضمن لهم هلاكه، ثم تقدم الأمير الكذاب إلى مصر يكتب: من أعداء ابن نجيب الدولة إلى الآمر بأحكام الله، ذكروا فيها أنه دعاهم إلى نزار، وراودهم على البيعة له فامتنعوا، وأرسلوا معه بسكة نزارية، فبعث الآمر رجلا إلى اليمن يقال له: ابن الخياط، وأمره بالقبض على ابن نجيب الدولة، فامتنعت الحرة من تسليم ابن نجيب الدولة إلى ابن الخياط وقالت له: أنت حامل كتاب، فخذ جوابه، أو اقعد حتى أكتب إلى الخليفة الآمر بأحكام الله، فلم يزل يخوفها وزراؤها سوء العاقبة حتى استوثقت لابن نجيب الدولة من ابن الخياط بأربعين يمينا، وكتبت إلى الآمر، وسيرت رسولا من قبلها وهو كاتبها محمد الأزدي بهدية جليلة، فلما فارقوا جبلة بليلة .. قيدوا ابن نجيب الدولة وأهانوه، وبادروا به إلى عدن، وجهزوه إلى مصر في أول شهر رمضان، وأخذوا رسولها ابن الأزدي بعده بخمسة عشر يوما وغرقوه، وغرقوا المركب بما فيه على باب المندب.

وكان ابن نجيب الدولة رجلا شهما نبيها، عاقلا، كثير المحفوظات، متبصرا في مذهب الشيعة، قيما بتلاوة القرآن على عدة روايات، ولم نعلم ما جرى له بعد خروجه من اليمن، وإنما ذكرته هنا؛ لأنه كان موجودا في هذه العشرين، والله سبحانه أعلم (٢).

وفيها: توفي شيخ الحنابلة علي بن عقيل البغدادي الظفري، وقاضي القضاة أبو الحسن علي بن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن علي الدامغاني الحنفي، وأبو بكر محمد بن طرخان التركي ثم البغدادي، وأبو سعد المبارك بن علي، ومحمد بن عبد الباقي الدوري.

***


(١) في حوادث سنة (٥١٨ هـ‍).
(٢) «السلوك» (٢/ ٤٩٨)، و «بهجة الزمن» (ص ٨١)، و «طراز أعلام الزمن» (٢/ ٢١٤)، و «تحفة الزمن» (٢/ ٤٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>