للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان كريما جوادا، متواضعا حليما، منقادا للشريعة، محبا للعلماء والفضلاء.

ولم يزل على السيرة المرضية إلى أن قتل في مسجده بزبيد في الركعة الثانية من صلاة عصر يوم الجمعة ثاني عشر رجب من سنة إحدى وخمسين وخمس مائة، قتله رجل من أصحاب ابن مهدي، ثم قتل قاتله المذكور تلك العشية بعد أن قتل جماعة من الناس، ثم تنافس القواد وأعيان الدولة على موضعه، واشتغلوا عن تدبير الملك وتحصين بيضته، فلم يلبثوا بعده إلا يسيرا حتى أزالهم علي بن مهدي، وملك زبيد، فسبحان من لا يحول ولا يزول ملكه!

٢٣٩٨ - [الخطيب الحصكفي] (١)

يحيى بن سلامة الخطيب أبو الفضل.

كان علامة زمانه، ومعرّيّ العصر في نظمه ونثره، ومن نظمه المحمود: [من البسيط]

أشكو إلى الله من نارين واحدة ... في وجنتيه وأخرى منه في كبدي

ومن سقامين سقم قد أحل دمي ... من الجفون وسقم حل في جسدي

ومن نمومين دمعي حين أذكره ... يذيع سري وواش منه بالرّصد

ومن ضعيفين صبري حين أذكره ... وودّه ويراه الناس طوع يدي

وكان قد اشتغل بالأدب وبرع فيه، ثم اشتغل بالفقه على مذهب الإمام الشافعي، وأجاز فيه، وتولى الخطابة في فارقين، وتصدر للفتوى بها، واشتغل عليه الناس، وانتفعوا به.

ولم يزل على رئاسته وجلالته وإفادته إلى أن توفي سنة إحدى وخمسين وخمس مائة كما في «تاريخ اليافعي» (٢) وقيل: في سنة ثلاث وخمسين (٣)، والله أعلم.


(١) «المنتظم» (١٠/ ٤٣٣)، و «معجم الأدباء» (٧/ ٢٤٦)، و «الكامل في التاريخ» (٩/ ٢٥٥)، و «وفيات الأعيان» (٦/ ٢٠٥)، و «مرآة الجنان» (٣/ ٢٩٨)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (٧/ ٣٣٠)، و «شذرات الذهب» (٦/ ٢٧٩).
(٢) انظر «مرآة الجنان» (٣/ ٢٩٨).
(٣) هما قولان في تاريخ وفاته، انظر «وفيات الأعيان» (٦/ ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>