للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان ملكا جوادا كريما، مئلافا، اقتفى سيرة أبيه مع أخلاق زائدة، وزيادة لائقة.

أثنى عليه عمارة في «مفيده» فقال فيه: لله در الداعي عمران ما أغزر ديمة جوده، وأكرم ينعة عوده، وأكثر وحشته في هذا الطريق من النظراء، وأقل مؤانسيه فيها من الملوك والأمراء، ولا يكذب من قال: إن الوفاء والجود ملة عمران خاتمها، بل حاتمها.

قال: ومما شاع من كرمه أن الأديب أبا بكر بن يحيى العيدي مدحه بقصيدة طويلة اقترحها عليه الداعي عمران، وصف فيها مجلسه وما يحتوي عليه من الآلات، وأولها: [من الكامل]

فلك مقامك والنجوم كئوس ... بسعوده التثليث والتسديس

فطرب الداعي وارتاح، وسلم إليه ولده أبا السعود بن عمران وقال: قد أجزتك بهذا، فأقعده الأديب أبو بكر عن يمينه، فلم يلبث أن وصل أستاذ الدار يستأذنه في دخول الولد الدار إلى أهله، فأذن له الأديب في ذلك، فقال الداعي عمران للأديب: إذا أرغبوك في بيعه .. فاستنصف في الثمن، فلم يلبث إلا قليلا حتى خرج الولد في يده قدح من فضة فيه ألف دينار وسبع مائة دينار وخلعة، فقال له الداعي: بكم أتاك الولد، فأخبره بالمبلغ، فقال له الداعي: وقد أطلقت عليك مكس المركب الفلاني ألفي دينار، فاقبضها، وكتب له خطه بذلك، فقبضها.

وللأديب أبي بكر العيدي فيه القصائد المختارة، وكذلك للفقيه عمارة فيه المدائح الفائقة.

ولم يزل عمران المذكور قائما بدعوة الفاطميين إلى أن مات في سنة ستين وخمس مائة.

قال الجندي: (فنقله الأديب أبو بكر بن أحمد العيدي من عدن إلى مكة المشرفة بعد أن طلا بدنه بالممسكات، وقبره بمكة المشرفة.

قال: ومن مآثره الباقية بعدن المنبر المنصوب بجامعها، واسمه مكتوب عليه، وهو منبر له حلاوة في النفس، وطلاوة في العين) (١).

وتوفي عن ثلاثة أولاد صغار لم يبلغوا الحلم، وهم: منصور ومحمد وأبو السعود، وجعل كفالتهم إلى الأستاذ أبي الدر جوهر المعظمي، فنقلهم إلى عنده بالدملوة، وتم


(١) «السلوك» (٢/ ٥٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>