للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما أطلق عقاله إلا وهو قائم، فسمعت غطفان بذلك، فانشمروا راجعين إلى بلادهم، فلما انتهى إلى النبي صلّى الله عليه وسلم خبر انصرافهم .. قال: «الآن نغزوهم ولا يغزونا» (١).

وفيها: كانت غزوة بني قريظة، وذكرها النووي في الخامسة مع ترجيح أن الخندق في الرابعة مع الاتفاق على أنه صلّى الله عليه وسلم توجه إلى بني قريظة في اليوم الذي انصرف فيه عن غزوة الخندق (٢).

وذلك: أنه صلّى الله عليه وسلم لما أصبح من ليلة منصرف الأحزاب، وكان وقت الظهر، ووضع السلاح واغتسل .. أتاه جبريل وهو ينفض رأسه من الغبار، فقال: وضعت السلاح؟ والله ما وضعناه، اخرج إليهم، قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «فأين؟ »، فأشار إلى بني قريظة (٣)، فنادى منادي رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لا يصلّينّ أحد العصر إلا في بني قريظة (٤)، وقدّم النبي صلّى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب برايته، ثم سار خلفه.

قال أنس: كأني انظر إلى الغبار ساطعا في زقاق بني غنم موكب جبريل حين سار


(١) أخرجه البخاري (٤١٠٩)، وأحمد (٤/ ٢٦٢)، والطيالسي (١٢٨٩)، والطبراني في «الكبير» (٧/ ٩٨).
(٢) ذكر ذلك النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» (١/ ٢٠)، لكن مر إثبات أن غزوة المريسيع كانت قبل غزوة الخندق؛ لأن فيها-أي: في المريسيع-ذكر سعد بن معاذ، وقد استشهد بعد الخندق، وحديثه في «الصحيح»، فيتعين أنها قبل الخندق، وقد ذكرها النووي نفسه في السنة السادسة! ! أما استشهاد النووي بحديث ابن عمر في «الصحيح» (خ ٢٦٦٤): (أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني، ثم عرضني يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني) .. فأجاب الحافظ عن ذلك في «الفتح» (٥/ ٢٧٨) حيث قال: (وأكثر أهل السير أن الخندق كانت في سنة خمس من الهجرة وإن اختلفوا في تعيين شهرها، واتفقوا على أن أحدا كانت في شوال سنة ثلاث، والبخاري جنح إلى قول موسى بن عقبة في «المغازي»: إن الخندق كانت في شوال سنة أربع، لكن اتفق أهل المغازي على أن المشركين لما توجّهوا من أحد .. نادوا المسلمين: موعدكم العام المقبل بدر، وأنه صلّى الله عليه وسلم خرج إليها من السنة المقبلة في شوال فلم يجد بها أحدا، فتعيّن ما قال ابن إسحاق: إن الخندق كانت في سنة خمس، وقد أجاب البيهقي وغيره بأن قول ابن عمر: «عرضت يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة» أي: دخلت فيها، وأن قوله: «عرضت يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة» أي: تجاوزتها، فألغى الكسر في الأولى وجبره في الثانية، وهو شائع مسموع في كلامهم، وبه يرتفع الإشكال المذكور، وهو أولى من الترجيح، والله أعلم) اهـ‍ وذكرها في الخامسة كل من الواقدي في «المغازي» (٢/ ٤٤٠)، وابن سعد في «الطبقات» (٢/ ٧٠)، وابن الجوزي في «المنتظم» (٢/ ٣١٧)، وابن الأثير في «الكامل» (٢/ ٦٥)، والذهبي في «التاريخ» (٢/ ٢٩٦) وجزم أنها في الخامسة بعد مناقشة الأقوال، وهذا هو الراجح، والله أعلم.
(٣) أخرجه البخاري (٤١١٧)، ومسلم (١٧٦٩).
(٤) أخرجه البخاري (٩٤٦)، ومسلم (١٧٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>