للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشريف علي بن أبي بكر: (كان سالم بن بصري أعجوبة زمانه، وعلامة أوانه) (١).

وقال الخطيب: (ومن أولاد عبيد الشيخ الكبير بصري، جد الشيخ الكبير، العارف بالله الشهير، الإمام المحقق، الجامع بين علمي الظاهر والباطن .. سالم بن بصري، كان فقيها فاضلا، كشافا للبليات، سمحا بالعطايا الجزيلات، جل أن يحيط بمحاسنه واصف.

وحكي: أنه لما كثر الصالحون في تريم في عصر واحد .. جمعهم والي تريم وقال:

انتقوا لي خياركم، وأراد يمتحنهم وهم لا يشعرون، فانتقوا له مائة رجل منهم وقالوا:

هؤلاء خيارنا، فقال: انتقوا خير هؤلاء المائة، فانتقوا له من المائة عشرة، فقال: انتقوا لي خير هؤلاء العشرة، فاختاروا له منهم الشيخ الفقيه سالم بن بصري المذكور، فأرسل الوالي إلى امرأة بالبلد لها بنت جميلة، فأمرها أن تزين بنتها، وتدخل عليها الشيخ سالم لعلها تفتنه، وبذل لها على ذلك مالا جزيلا، فأجابته، وكان الشيخ سالم يزور القبور كل يوم، وكان ممره للزيارة على دار تلك المرأة، فزينت المرأة بنتها بما تقدر عليه من الحلي والحلل وقالت لها: إذا دخل عليك الشيخ سالم .. فتبرجي له، وتعلقي به، وراوديه عن نفسه، ثم قعدت المرأة على باب بيتها، فلما مر عليها الفقيه .. قالت له: لي بنت محمومة عساك تقرأ عليها، فقال: حتى أرجع من زيارة القبور، فلما رجع من الزيارة .. قالت له:

بسم الله، فدخل الشيخ البيت ليقرأ على المحمومة، فأغلقت المرأة عليه الباب، ووقفت خارجا، فبرزت له البنت، وخلعت ثيابها، وتعلقت به تراوده عن نفسه، فخلع الشيخ نعله وضربها به، وكلما ضربها ضربة .. وقع موضعها حزازة جذام، ثم سار الجذام في جميع جسد البنت، فصاحت، فدخلت عليها أمها، وخرج الشيخ، فقالت البنت لأمها:

ما أدخلت علي آدميا، ما أدخلت علي إلا أسدا! أو نحو هذا، فذهبت المرأة ببنتها إلى السلطان وأخبرته بالقصة وقالت له: ما أصاب بنتي هذا إلا من أجلك، فدواؤها عليك، فأرسل السلطان إلى الشيخ سالم، ولم يغضب الشيخ سالم، ولم يتغيّر حاله لا من فعل السلطان، ولا من فعل المرأة، فاستغفر السلطان واعتذر إليه ثم قال له: يا شيخ؛ هذه البنت أصابها ما ترى من عقوبتك، فعساك تبرئها، فأخذ الشيخ ماء وتفل فيه، وقرأ فيه ما تيسر، ومسح به جسد البنت، فبرئت من وقتها.


= أحمد بن عيسى. انظر «المشرع الروي» (٢/ ١١١)، و «شمس الظهيرة» (١/ ٦١).
(١) «البرقة المشيقة» (ص ٦٨)، وعبارتها: (واحد زمانه، وفرد أوانه).

<<  <  ج: ص:  >  >>