للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استوطن دمشق بعد أسفار سافرها، وكان له السماع العالي، والجاه الوافر عند الملك المعظم وغيره.

وله شعر جيد، ومنه قوله حين طعن في السن: [من الطويل]

أرى المرء يهوى أن تطول حياته ... وفي طولها إرهاق ذلّ وإزهاق

تمنيت في عصر الشبيبة أنني ... أعمّر والأعمار لا شك أرزاق

فلما أتاني ما تمنيت ساءني ... من العمر ما قد كنت أهوى وأشتاق

يخيّل لي فكري إذا كنت خاليا ... ركوبي على الأعناق والسير إعناق

ويذكرني مرّ النسيم وروحه ... حفائر يعلوها من الترب أطباق

وها أنا في إحدى وتسعين حجّة ... لها فيّ إرعاد مخوف وإبراق

يقولون ترياق لمثلك نافع ... وما لي إلا رحمة الله ترياق

توفي سنة ثلاث عشرة وست مائة (١)، ونزل الناس بموته درجة في القراءات والحديث.

أدرك الزمخشري، وما أظنه أخذ عنه.

٢٨٠٤ - [غازي بن صلاح الدين] (٢)

أبو الفتح غازي الملك المعظم الظاهر، صاحب حلب، غياث الدين بن صلاح الدين يوسف بن أيوب، كان ملكا عظيما مهيبا، حازما متيقظا، حسن التدبير والسياسة، باسط العدل، محبا للعلماء، مجيزا للشعراء، كثير الاطلاع على أخبار الملوك وأحوال رعيته، عالي الهمة، حسن الذكاء.

من ذكائه أنه جلس يوما يعرض العسكر، وكلما حضر جندي .. سأله الديوان عن اسمه، حتى حضر واحد، فسألوه فقبل الأرض، فلم يفطنوا لما أراد، فأعادوا سؤاله، فقال الملك الظاهر: اسمه غازي، وكان كذلك، وإنما لم يذكر اسمه؛ أدبا لموافقته لاسم السلطان.

توفي سنة ثلاث عشرة وست مائة.


(١) في «معجم الأدباء» (٤/ ٢٧٤) توفي سنة (٥٩٧ هـ‍).
(٢) «الكامل في التاريخ» (١٠/ ٢٩٦)، و «وفيات الأعيان» (٤/ ٦)، و «تاريخ الإسلام» (٤٤/ ١٥٨)، و «العبر» (٥/ ٤٦)، و «مرآة الجنان» (٤/ ٢٧)، و «البداية والنهاية» (١٣/ ٨٤)، و «شذرات الذهب» (٧/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>