للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٨٠٥ - [عبد الله التريمي] (١)

عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عبيد الحضرمي التريمي، صاحب كتاب «الإكمال»، الإمام وحيد عصره، وفريد دهره، الزاهد العامل.

قال الخطيب عبد الرحمن: (سافر إلى الحج في زي الفقراء والمساكين، وأحب ألا يعرف، فدخل مكة وهو على تلك الصفة وإمام الحرمين إذ ذاك بها، فحضر عبد الله المذكور يوما حلقة إمام الحرمين وهو مختف بذلك الزي، وفي الحلقة فقهاء كثيرون، فألقى عليهم مسألة دقيقة غامضة جدا، فلم يقدر أحد من الحاضرين على جوابها، فلما لم يجب عنها أحد من الحاضرين .. لم يتمالك عبد الله حتى زحف إلى إمام الحرمين، وجوّب على تلك المسألة جوابا شافيا، فلما سمع منه إمام الحرمين ذلك الجواب .. قال له: من أنت؟ فإني أظن ما على وجه الأرض من يجوب مثل هذا الجواب، إلا أن تكون الإمام عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عبيد الحضرمي التريمي، فإن لم تكن هو .. فأنت اقتفيت (٢)، أو كما قال، فقال عبد الله: بل أنا هو، رضي الله عنهما.

توفي المذكور يوم الأربعاء لست من ربيع الأول سنة ثلاث عشرة وست مائة (٣)، وقبره وقبور قبيلته تحت الجبل المعروف بالفريط الأحمر) انتهى ما ذكره الخطيب (٤).

فإن أراد بإمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني الإمام المشهور شيخ الغزالي كما هو الظاهر .. ففيه نظر؛ لأن إمام الحرمين توفي سنة ثمان وسبعين وأربع مائة، وجاور بمكة أربع سنين قبل وفاته بنحو ثلاثين سنة، فإن صح ما ذكره الخطيب .. كان اجتماع الإمام عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عبيد بإمام الحرمين بمكة في عشر الأربعين وأربع مائة، فيكون بين وفاة الإمام عبد الله المذكور وبين اجتماعه بإمام الحرمين قريب من مائتي سنة، وهذا شيء يستبعد، إلا أن النسخة التي نقلت منها فيها السقم، فلعل انتقل نساخها من خمس مائة إلى ست مائة، أو لعل المراد بإمام الحرمين غير الإمام المشهور، فقد


(١) «طبقات الشافعية الكبرى» (٦/ ١٢٦)، و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (٢/ ١٢٣)، و «الجوهر الشفاف» (١/ ٦٦)، و «البرقة المشيقة» (ص ١١٧)، و «تاريخ شنبل» (ص ٩٥)، و «هدية العارفين» (٥/ ٤٥٩)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (٢/ ٦٤٥)، و (٢/ ٧٢٠).
(٢) لعله أراد: (فأنت اقتفيت أثره).
(٣) في «تاريخ شنبل»: توفي سنة (٦١١ هـ‍).
(٤) «الجوهر الشفاف» (١/ ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>