للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عينيه، ويرجو بذلك نفع إخوته، ورجاء بركته، وشمول دعوته، والانتظام في سلك أهل مودته، في يوم: {الْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} جعلها الله تعالى اخوة صالحة لمرضاته، ومودة جامعة لطاعاته، نحمد إن شاء الله عاقبتها، ونجتني ثمرتها، ونحضر في حضرة القدس إن شاء الله تعالى.

وبعد:

أيها العلم الذي يهتدى بأنواره، والعالم الذي يقتدى بآثاره، والطّبّ الذي يستضاء بآرائه (١)، والطبيب الذي يستشفى بدوائه؛ فقد علمت ما كتب الله تعالى على العباد من الفناء، وأنه لا سبيل لمخلوق إلى البقاء، وإنما البقاء لخالق الأشياء، ومدبر القضاء، فأحسن الله عزاءك على فراق الشيخ الأجل عبد الله بن محمد، وجبر مصابك، وعظّم أجرك وثوابك، وإني لمعزيك به، وإنا المعزّون على فقده، والمصابون بوجده، فلقد ساءنا بعده، وأوحشنا فقده، وعظم علينا وجده، وأفل عنا سعده، وإن فجيعتنا به أعظم من فجيعتك، ولوعتنا به أشد من لوعتك، وروعتنا لفراقه أطم من روعتك، وكيف لا يكون ذلك وهو أليفنا في مكاننا، وشريفنا في زماننا، وهو أحد عبّادنا وأوتادنا (٢)؟ ! ولقد كان نعم العون عند نزول النوائب، والمذخر لمخشي العواقب: [من الطويل]

وبالكره منا فقده وفراقه ... ولكنّ خطب الدهر بالناس يوقع

وكنّا ذخرناه لكلّ ملمة ... وسهم الرزايا بالذخائر مولع

فليعتقد سيدنا الفقيه الأجل أن مصابنا به مثل مصابه، ونرجو أن ثوابنا على فراقه مثل ثوابه، ونسأل الله الكريم البر الرحيم أن يرحمه رحمة واسعة، ويغفر له مغفرة جامعة، ويوسع عليه في ضريحه، ويفتح أبواب الجنة لروحه، وأن يخلفه في [أهل] بيته وأهل مودته بما خلف به عباده الصالحين، وأن يرفع درجته في عليين.

وبعد:

فإنه لم يكن أحوج منا إلى لقاء الحضرة العزيزة ومشافهتها، والتمتع بالأنس بطلعتها، وقد علم الله سبحانه بما في النفوس إليه من الاشتياق، وما تضمنت الأحشاء من الإقلاق، وإنا لنستدعي أوبته في كل زمان، ونتمنى عوده في كل أوان، وإن كل مسألتنا إلى


(١) الطب-بفتح الطاء-: الرجل الماهر بعلمه، وفي «المشرع الروي» (٢/ ٢٣٤): (واللبيب).
(٢) في «المشروع الروي» (٢/ ٢٣٤): (وهو أحد علمائنا، وأوحد عبّادنا، وأجلّ أوتادنا).

<<  <  ج: ص:  >  >>