للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرحمن، وجلّ اقتراحنا على الزمان: أن تحلّ عنا عقال الشر بإطلاق أوبتك، ويحلّ علينا وفد البشير بإشراق طلعتك، فانهض يا أبا الحسن نهضة لله خالصة تجزل بها مؤنتك، وتعقب بها غيبتك، وتصل بها شكرك ومعونتك، واحتسبها عند الله من جملة حجّاتك، حجة مبرورة، وزيارة مشكورة، ترجو بها نيل صلة أهل معرفتك ما ترجو من الثواب في يوم عرفتك، وتدرك من البر بزيارة هذه الأرحام والحرم ما تدرك من البر بزيارة تلك المشاهد والحرم، وإن وقوفك مع معشرك، أفضل من وقوفك في مشعرك، وكيف لا يكون ذلك وأنت تجبر بها قلوب أرحام منكسرة، وتحيي بها مسرة أيتام متحسرة، وتريش بها جناح أقارب مستحصّة (١)، وتبرد بها أكبادا بالحزن مختصة، وتسيغ بها ما حل بهم من الغصة، وتنتهز بها من صلة الأرحام أكبر فرصة، فما يطفئ عنهم غليل المفقود سوى رؤية وجهك المسعود، فبادر بها لهم ما دام الفرح دائما، والترح نائما، لعلك أن تطفئ لهم غليلا، أو يجدوا إلى السلوّ بها سبيلا، وتكون هذه الزيارة تصل بها مؤاخيك، وتطرد بها يتم بني أخيك، وتجبر بها عظمهم، وتبرئ بها سقمهم، وتكون أباهم وأمهم، هذا مع أنهم-والحمد لله-ببركة مخلّفهم ويمن مستخلفهم ملحوظون بعين رعايتنا، محوطون بعزيز ولايتنا (٢)، ما صرف اليتم عنهم رواقا، ولا ضعضع فقد الأب لهم أعناقا (٣)، فما جرى من اليتم إلا اسمه، ولم يتعلق بهم وسمه ولا رسمه، وناهيك من حسن نظرنا لهم، وملاحظتنا أحوالهم، أنّا نستدعيك لزيارتهم، ونستنهضك لعمارتهم، إذ كان لا يمحو عنهم يتمهم، ويزيل عنهم غمهم، إلا ملاحظة عمهم، وقد دعوناك ومثلك من لبّاهم، وأحيا برؤيته أباهم، وأنت تعرف أن حقهم من آكد الحقوق، وعقوقهم من أعظم العقوق، فالله تعالى يوفق سيدنا الأخذ بضده، ويلهمه الصواب في قصده، ويستعمله بأعمال البر، ويوفقنا وإياه لما فيه الخير.

٢٨٤٥ - [عبد الملك ابن جديد] (٤)

عبد الملك بن محمد بن أحمد بن جديد الحسيني، أخو علي وعبد الله ابني محمد المقدم ذكرهما.


(١) مستحصة: محلوقة، من الحص، وهو حلق الشعر.
(٢) في «المشرع الروي» (٢/ ٢٣٥): (محفوظون بغوث ولايتنا).
(٣) ضعضع: يقال: ضعضعه الدهر؛ أي: أذله وأخضعه.
(٤) «البرقة المشيقة» (ص ٨١)، و «تاريخ ثغر عدن» (٢/ ١٢٦)، و «غرر البهاء الضوي» (ص ١٥٧)، و «المشرع الروي» (٢/ ٢٠١)، و «تاريخ حضرموت» للحامد (٢/ ٧٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>