للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلّى الله عليه وسلم .. فلم يسغ اللقمة، بل لفظها وقال: «إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم»، واعترفت اليهودية، وقالت: بلغت من قومي ما لم يخف عليك، فقلت: إن كان ملكا .. استرحنا منه، وإن كان نبيا .. سيخبر، فتجاوز صلّى الله عليه وسلم عنها، فلما مات بشر .. قتلها قصاصا (١).

واستشهد بخيبر أربعة عشر رجلا، وقيل: نحو العشرين (٢).

ويوم فتح خيبر قدم جعفر بن أبي طالب في أصحاب السفينة من الحبشة، وأبو موسى الأشعري ورفقته من الأشعريين، فقبّل رسول الله صلّى الله عليه وسلم بين عيني جعفر والتزمه وقال: «ما أدري بأيهما أسر أكثر، بفتح خيبر أم بقدوم جعفر؟ » (٣).

فلما فرغ صلّى الله عليه وسلم من فتح خيبر .. انصرف إلى وادي القرى، فحاصره حتى فتح الله عليه، وأصيب به مولاه مدعم بسهم غرب فقتله، فقال الناس: هنيئا له الشهادة، فقال صلّى الله عليه وسلم: «كلاّ والذي نفسي بيده؛ إن الشملة التي أصابها يوم خيبر لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا» (٤).

ولما انتهى صلّى الله عليه وسلم في مرجعه من وجهه ذلك إلى سد الصهباء .. حلت صفية بنت حيي، فجهزتها له أم سليم، ثم ضربت له قبة فدخل بها، وأولم صبيحة ذلك اليوم حيسا (٥).

وكانت صفية قد رأت في منامها وهي عروس بكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق أن قمرا وقع في حجرها، فعرضت رؤياها على زوجها، فقال: ما هذا إلا أنك تمنين ملك الحجاز محمدا، فلطم وجهها لطمة خضّر عينها، فأتي بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبها أثر منه، فأخبرته بذلك (٦)، وكان عند كنانة بن الربيع كنز بني النضير، فسأله النبي صلّى الله


(١) سبق تخريجه في ترجمة سيدنا بشر بن البراء رضي الله عنه (١/ ٩٢).
(٢) انظر أسماءهم عند ابن هشام في «السيرة» (٣/ ٣٤٣).
(٣) أخرجه الحاكم (٣/ ٢١١)، والطبراني في «الكبير» (٢٢/ ١٠٠)، وابن سعد (٤/ ٣٢).
(٤) أخرجه البخاري (٤٢٣٤)، ومسلم (١١٥)، وهذا لفظ مسلم، ووقع في (ت) بدل قوله: (كلا) (بلى)، كما في «البخاري»، قال ابن حجر في «الفتح» (٧/ ٤٨٩): (قوله: «بل والذي نفسي بيده» في رواية الكشميهني: «بلى» وهو تصحيف).
(٥) أخرجه البخاري (٢٨٩٣)، ومسلم (١٣٦٥)، والصهباء: موضع بينه وبين خيبر بريد، والحيس: تمر يخلط بسمن وأقط، يعجن شديدا ثم يندر منه نواه.
(٦) أخرجه ابن حبان (٥١٩٩)، والبيهقي (٩/ ١٣٧)، والطبراني في «الكبير» (٢٤/ ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>