للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يحب الفقراء، ويجالسهم كثيرا ويعتقدهم، فعادت عليه بركتهم، فألحقه الله بهم؛ فإن المرء مع من أحب.

قال اليافعي: (فلما احتضر الشيخ أبو حمران .. سئل: من يكون الشيخ بعدك؟ فقال:

الذي يقع على رأسه الطائر الأخضر في اليوم الثالث من موتي هو الشيخ، فلما كان اليوم الثالث من موته .. حضر الفقهاء والفقراء والعوام في مسجده، وقعدوا ينتظرون ما يكون من وعد الشيخ، وفيهم المصدق والمكذب والمتشكك، وإذا بالطائر الموصوف قد أقبل وحط في طاقة المسجد، فعند ذلك تشوف للمشيخة كبار أصحاب الشيخ، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، فارتفع ذلك الطائر من موضعه الذي حط فيه أولا، ثم وقع على رأس الشيخ جوهر، فقام إليه الفقراء ليزفوه ويقعدوه في منصب الشيخ، فبكى وقال: أين أنا من هذا! وأنا رجل جاهل لا أصلح لهذا، ولا أعرف الطريق! فقالوا له: ما أقامك الحق في هذا المقام إلا وأنت أهل له، وسيعلمك ما تجهل، ويوليك التوفيق، فقال: إن كان ولا بد، فأمهلوني ثلاثة أيام، أسعى في براءة ذمتي برد الحقوق التي علي للناس والتخلص منهم، فأمهلوه، فلما مضت الثلاث .. قعد في منصب المشيخة، فكان كاسمه جوهرا، كتب إليه بعض المشايخ كتابا يسبه فيه، فكان جوابه إليه: [من الطويل]

إذا سعدوا أحبابنا وشقينا ... صبرنا على حكم القضا ورضينا

وإن جيّش الأحباب جيشا من الجفا ... بنينا من الصبر الجميل حصونا

وإن بعثوا خيل الصدود مغيرة ... بعثنا لهم خيل الوصال كمينا

وإن شهروا أسيافهم لقتالنا ... أتيناهم بالذل مدرّعينا

أحبّاءنا جوروا وإن شئتم اعدلوا ... صبرنا على حكم القضا ورضينا

فلما وقف الشيخ على جوابه .. استغفر الله تعالى وتهيأ للاجتماع بالشيخ جوهر، ورحل من بلاده إليه، فلما اجتمع به .. كشف رأسه، واستغفر الله تعالى) (١).

قال الخزرجي: (ولم أقف على تاريخ وفاة الشيخ جوهر) اه‍ (٢)

توفي الشيخ جوهر المذكور سنة ست وعشرين وست مائة.


(١) «مرآة الجنان» (٤/ ٣٤٧)، وفيها البيت الأول فقط، وانظر الأبيات الأخرى في «تاريخ ثغر عدن» (٢/ ٤٠).
(٢) «طراز أعلام الزمن» (١/ ٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>