للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال يشكو الغربة وما قاساه فيها:

أشكو إليك نوى تمادى عمرها ... حتى حسبت اليوم منها أشهرا

لا عيشتي تصفو ولا رسم الهوى ... يعفو ولا جفني يصافحه الكرى

أضحي عن الأحوى المريع محوّلا ... وأبيت عن ورد النّمير منفّرا

النمير-بفتح النون، وكسر الميم، وسكون المثناة من تحت، ثم راء-: هو الماء الجاري.

ومن العجائب أن يقيل بظلكم ... كلّ الورى ونبذت وحدي بالعرا

فلما وقف عليها العادل .. أذن له في الدخول إلى دمشق، فلما دخلها .. قال: [من المتقارب]

هجوت الأكابر في جلّق ... ورعت الوضيع بسب الرفيع

وأخرجت منها ولكنني ... رجعت على رغم أنف الجميع

وجلّق بضم الجيم-وفي «اليافعي» بكسر الجيم (١) -وتشديد اللام، ثم قاف: اسم مكان في الشام، وقيل: لقب دمشق.

وله من قصيدة يذكر فيها أسفاره وتوجهه إلى جهة الشرق: [من الطويل]

أشقّق قلب الشرق حتى كأنني ... أفتّش في سودائه عن سنا الفجر

قال ابن خلكان: (وله في عمل الألغاز اليد الطولى، ولم يكن له اعتناء بجمع شعره وتدوينه، وقد جمع له بعض أهل دمشق ديوانا صغيرا لا يبلغ عشر نظمه، وفيه أشياء ليست له، قال: ورأيته في المنام ينشد أبياتا، فأعجبني منها بيت واحد وهو: [من السريع]

والبيت لا يحسن إنشاده ... إلا إذا أحسن من شاده

فرددته في النوم، واستيقظت وأنا أحفظه، وليس هذا البيت موجودا في شعره.

وكان وافر الحرمة عند الملوك، وولي الوزارة بدمشق آخر دولة المعظم، فلما وليها الأشرف .. أقام في بيته ولم يباشر بعدها خدمة إلى أن توفي في سنة ثلاثين وست مائة عن نحو ثمانين سنة) (٢).


(١) انظر «مرآة الجنان» (٤/ ٧٢)، ولم نجد من ضبطها بضم الجيم، وإنما هي بكسر الجيم، ثم اللام المشددة المكسورة أو المفتوحة.
(٢) «وفيات الأعيان» (١٧/ ٥ - ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>