للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٩٣٤ - [الملك الكامل بن الملك العادل] (١)

أبو المعالي محمد الملك الكامل بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب الأيوبي.

كان سلطانا معظما، جليل القدر، جميل الذكر، مكرما للعلماء، متمسكا بالسنة، حسن الاعتقاد، معاشرا لأرباب الفضائل، حازما في أموره، لا يضع الشيء إلا في محله من غير إسراف ولا تقتير، وكانت تبيت عنده كل ليلة جمعة جماعة من الفضلاء، ويشاركهم في مباحثاتهم، ويسألهم عن المواضع المشكلات من كل فن، وهو معهم كواحد منهم.

بنى بالقاهرة دار حديث، ورتب فيها وقفا جيدا، وكان قد بنى على ضريح الشافعي رضي الله عنه قبة عظيمة، ودفن أمه عنده، وأجرى إليها ماء النيل ومدده بعيد، وغرم على ذلك جملة عظيمة.

وأرسل ولده المسعود إلى اليمن فملكه مع الحجاز.

وملك الكامل البلاد الشرقية والشامية، فكان الخطيب إذا وصل إلى ذكر الكامل ..

قال: صاحب مكة وعبيدها، واليمن وزبيدها، ومصر وصعيدها، والشام وصناديدها، والجزيرة ووليدها، سلطان القبلتين، ورب العلامتين، وخادم الحرمين الشريفين، أبو المعالي محمد الملك الكامل ناصر الدين، خليل أمير المؤمنين.

ولم يزل في علو شأنه وعظم سلطانه إلى أن أخذ دمشق من أخيه الملك الصالح إسماعيل بن الملك العادل محمد بعد حصار وجهد شديد، ثم مرض بعد دخوله دمشق بنحو شهرين، ولم يزل مريضا إلى أن توفي عصر الأربعاء حادي وعشرين رجب سنة خمس وثلاثين وست مائة.

ودفن يوم الخميس بقلعة دمشق، وأخفي موته إلى يوم الجمعة، فلما دنت الصلاة ..

قام بعض الدعاة على العريش الذي بين يدي المنبر، فترحم على الملك الكامل، ودعا لولده العادل، وكان أبوه قد استنابه على مصر، فاتفق الأمراء الذين كانوا حاضرين موت الكامل على ولاية ابنه العادل، ثم بنى له تربة مجاورة للجامع، ولها شباك إلى الجامع، ونقل الكامل إليها.


(١) «التكملة لوفيات النقلة» (٣/ ٤٨٥)، و «وفيات الأعيان» (٥/ ٧٩)، و «سير أعلام النبلاء» (٢٢/ ١٢٧)، و «تاريخ الإسلام» (٤٦/ ٢٥٤)، و «العبر» (٥/ ١٤٤)، و «الوافي بالوفيات» (١/ ١٩٣)، و «مرآة الجنان» (٤/ ٩٠)، و «البداية والنهاية» (١٣/ ١٧٥)، و «شذرات الذهب» (٧/ ٣٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>