للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٩٥٥ - [عمار بن السبائي] (١)

أبو محمد عمار بن السبائي (٢).

كان شيخا عظيم القدر، وكان ممتنعا على حصونه مع طاعته للسلطان، وكان المنصور الغساني يريد أخذ حصونه فلم يفعل، ورأى أن الاهتمام بغيره أولى، فوفد الأديب محمد بن حمير على عمار، فقام على باب داره ساعة من نهار يطلب الإذن فلم يؤذن له، فكتب رقعة يقول فيها: [من البسيط]

بالباب أصلحك الله امرؤ لسن ... أمضّه السير والإدلاج والسهر

وافى إلى أرض خولان فصادفها ... مثل القتادة لا ظلّ ولا ثمر

فلما وقف عمار على البيتين .. وقّع على كتابه يقول: بل:

مثل الغمامة فيها الظل والمطر

ثم أذن له، وأكرمه وأنصفه، فلما انصرف ابن حمير عنه .. لقيه جماعة من عبيد عمار، فنهبوه وأخذوا ما معه، فاتهم أن عمارا أمرهم بذلك، فقدم على المنصور وأنشده في مجلس الشراب: [من البسيط]

ما شاق قلبي أحداج وأكوار ... ولا شجتني أعلام وآثار

سررت باليمن الخضراء حين صفت ... لابن الرسول فما في تلك أكدار

وكان فيها عضاريط زعانفة ... فما بقي من بني البظراء ديار

لكن بقي فرد ثؤلول تعاب به ... والنار تسهل مركوبا ولا العار

إن قلت لم يبق سلطان سوى عمر ... قالوا بلى وبقي السلطان عمار

أو قلت لا قصر إلا قصر دملوة ... قالوا براش يمين القصر والدار

أو قلت ما أحسن المعشار من جؤة ... قالوا وليس إلى ذبحان معشار

فخذ يمينا ولا تقبل معاذره ... فالكلب حيث خلا بالعظم جبار

فأثار ذلك ما كان كامنا في نفس المنصور، فأمر أن يجعل عمار بن السبائي في سلة ويلقى من رأس الحصن، فألقي، فمات في سنة تسع وثلاثين وست مائة.


(١) «طراز أعلام الزمن» (٢/ ٣٧٥)، و «العقود اللؤلؤية» (١/ ٦٧).
(٢) في «العقود اللؤلؤية» (١/ ٦٧): (الشيباني).

<<  <  ج: ص:  >  >>