للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في الشيخ عبد الله المغربي المذكور: وكان من أولاد ملوك أرض الغرب، فآثر سلوك هذه الطريقة، ففتح له حتى كان من كبار المشايخ.

قال الشيخ عبد الله: فلما وصلت تريم .. وجدت الشيخ محمد بن علي كما قال الشيخ عبد الرحمن، فغمزته وحكمته، وما شاور شيخه أبا مروان، فلما رجع إليه وفي رأسه الخرقة .. اغتاظ عليه وقال له: رجوناك إماما مثل ابن فورك، فتركت صحبتنا، ورجعت إلى زي الصوفية-أو كما قال أبو مروان-وهاجره شيخه أبو مروان إلى أن توفي.

ويقال: إن الشيخ عبد الله المغربي قال للشيخ محمد بن علي باعلوي: أي لؤلؤة عجماء لو ثقبت؟ ! فقال الشيخ محمد: وما الثقب؟ قال: التحكيم، فانخلع الشيخ محمد عما هو عليه من زي الفقهاء، وترك صحبتهم، وتحكم للشيخ عبد الله، ولبس منه الخرقة، وأقبل على الله بكليته، في سره وعلانيته.

ولما قصد الشيخ سفيان اليمني حضرموت لزيارة النبي هود عليه الصلاة والسلام .. دخل تريم، واجتمع به الشيخ محمد بن علي، وأخذ عنه، فحصل للشيخ محمد مع الشيخ سفيان زيادة تأديب وتهذيب وتقريب، ثم رجع الشيخ سفيان إلى عدن، وكان الشيخ محمد يكاتبه ويراجعه فيما يرد عليه من العلوم اللدنية، والفتوحات الإلهية، فكتب إليه الشيخ سفيان مرة في بعض أجوبته: هذا شيء لم تبلغه أحوالنا فنصفه لك.

وحكي عن الشيخ إبراهيم بن يحيى بن أبي فضل قال: اشتهر بحضرموت ثلاثة رجال بالصلاح: الشيخ الكبير الفقيه محمد بن علي المذكور، والشيخ عبد الله بن إبراهيم بن أبي قشير، ورجل غريب يظهر أشياء تعرف وتنكر، فدخلت على الشيخ أبي الغيث بن جميل ببيت عطاء لأسأله عن أحوال هؤلاء الثلاثة، فبدأني بالكلام قبل أن أسأله وقال: جئت تسأل عن الشيخ محمد بن علي والشيخ عبد الله ابن أبي قشير ورجل غريب؟ قلت: نعم، قال: أما الشيخ محمد بن علي .. فما وصلنا درجته حتى نصفها لك، وأما أبو قشير .. فمن الصالحين، وأما الغريب .. فهو على صفة غير محمودة، نسأل الله العفو والعافية) (١).

وللفقيه محمد بن علي المذكور كرامات كثيرة شهيرة في حياته وبعد مماته، فمن أراد ذلك .. فعليه بكتاب الخطيب (٢).


(١) «الجوهر الشفاف» (٧٩ - ٨٥).
(٢) انظر «الجوهر الشفاف» (٧٧ - ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>