للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى وصاب، فأخذ عن الفقيه أبي بكر الجباحي شيئا من كتب الحديث و «شرح اللمع» لموسى بن أحمد الوصابي، وقرأ «البيان» على الفقيه عبد الله بدار القاضي أسعد حين اجتمع الفقهاء لذلك.

وكان فقيها فاضلا عارفا، عاملا صالحا، ورعا زاهدا، جامعا بين العلم والعمل، موفقا من صغره إلى كبره.

يحكى أنه خرج يوما في صغره إلى المعلامة (١) ومعه كسرة خبز يأكلها في الطريق وهو سائر، فلقيه شخص حسن الهيئة جميل الخلق وقال له: أنت فقيه وتأكل بالنهار، فاستحيى الفقيه من كلامه.

وكان غالب أيام الفقيه الصيام، لا يفطر إلا الأيام المكروهة، ثم لا يأكل إلا ما عرف حله.

أجمع الناس على زهده وورعه، وكمال عبادته، وصيانة عرضه، وتضلعه من العلوم الشرعية.

وحج، فاجتمع بالشيخ أبي الغيث بن جميل، وسأله أن يمسح على صدره، ويبصق في فيه، ويدعو له، ففعل الشيخ ذلك، فقيل للشيخ: كيف رأيت الجبلي؟ فقال: رأيت رجلا كاملا.

ولم يكن له نظير في حسن الصحبة.

يحكى أن بعض الولاة كان كثير التردد إليه والصحبة له، فلما بلغه خبر موته .. قال لأصحابه: باسم الله على السير إلى قبران هذا الصاحب، فوافقوه بظواهرهم مع كراهتهم في الباطن، فلما صاروا في أثناء الطريق .. التفت إلى أكثرهم كراهية في الباطن، فقال يا فلان؛ إنما يقام على الساقط، وأما غيره .. فينجو برجليه.

ولما توفيت عمة المظفر المعروفة بالنجمية بجبلة .. حضر دفنها المظفر، وجمع كثير من الفقهاء المشهورين والعلماء المذكورين، فأوقف الناس ساعة جيدة وهو يقول: لا يؤم الناس في الصلاة عليها إلا الفقيه عمر بن سعيد، وكان الفقيه قد صار في الطريق، فما زالوا في انتظاره حتى قدم وتقدم، فصلى بالناس، ورأى رجل قبلي التّعكر نورا من الأرض


(١) المعلامة: محل تعليم القرآن ومبادئ القراءة والكتابة للصغار (لهجة يمنية).

<<  <  ج: ص:  >  >>