للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله معرفة تامة بالفقه والأصول والكلام، حتى قال فيه الإمام أبو الحسن الأصبحي ما قاله أبو أحمد الأسفراييني في حق ابن سريج: نحن نجري مع أبي العباس في ظواهر الفقه دون دقائقه.

وروى عنه الإمام رضي الدين إبراهيم بن محمد الطبري إمام المقام الشريف بمكة.

وكان رحمه الله كثير التردد إلى الحج والزيارة، ويسير بالقافلة إلى مكة.

وكان زاهدا ورعا، متقنا للعلوم، صاحب قدر كبير، وصيت شهير.

قال الشيخ اليافعي: (ولعله كان يزيد على الإمام النووي في ورعه وأدبه، وزهده وتقشفه) (١)، وكان معيشته من الذرة الحمراء والقطيب والمخيض من اللبن مع الجاه الواسع، وقبول الكلمة، والشفاعة في الأمور العظام، أعفيت بشفاعته جملة أراضي من الخراج السلطاني، وكان هو يسلم الخراج على أرضه، فقيل له: ألا تتكلم في ذلك؟ فقال: أكون من الرعية الدفّاعة.

قال فيه بعضهم: مثل أحمد بن موسى في الأولياء كيحيى بن زكريا في الأنبياء كأنه يشير إلى ما ورد: «ما منا إلا من عصى أو هم بمعصية إلا يحيى بن زكريا» (٢).

وكراماته كثيرة شهيرة، وكان كثير الشفاعة لا يرد من سأله، حتى قال: أظن أني ما أموت إلا وأنا أكتب شفاعة، فكان كما ظن، مات وفي يده القلم والقرطاس يكتب شفاعة يوم الثلاثاء ما بين الظهر والعصر لخمس بقين من ربيع الأول سنة تسعين وست مائة وقيل:

إحدى وتسعين.

وكان رحمه الله تعالى صاحب كرامات شهيرة، يظهر منها ما يظهر على كره منه، وكان أكثر الناس لها كتما نفع الله به، آمين.

٣٣٥٠ - [أحمد الواسطي] (٣)

أحمد بن هلال الواسطي نسبة إلى واسط، قرية من وادي مور بتهامة.


(١) «مرآة الجنان» (٤/ ٢١٣).
(٢) أخرجه الإمام الطبري في «التفسير» (٦٩٧٦)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (٧/ ٤٦٨) مرفوعا، وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (٢٠٢٧٩) موقوفا على الحسن البصري.
(٣) «السلوك» (٢/ ٣١٤)، و «طراز أعلام الزمن» (١/ ١٨٧)، و «تحفة الزمن» (٢/ ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>