للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلّى الله عليه وسلم وهي تقول لي: عليك بمذهب ابن عمي محمد بن إدريس الشافعي، فانتقل رحمه الله تعالى إلى مذهب الشافعي.

وذكر اليافعي في «تاريخه» له كرامات عديدة، منها: (أنه سمع رد السلام من سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام، وأنه كان قد انحنى انحناء كثيرا، فإذا جاء إلى الحجر الأسود .. زال ذلك الانحناء وقبّله، وأنه كان عنده طفل غابت أمه عنه، فبكى الطفل، فدر ثديه باللبن، وأرضع ذلك الطفل حتى سكت) (١).

وتوفي ليلة الجمعة رابع عشر المحرم سنة إحدى وعشرين وسبع مائة بمكة.

٣٨١٨ - [نجم الدين الأصبهاني] (٢)

عبد الله بن محمد بن محمد بن علي بن الشيخ نجم الدين الأصبهاني، نزيل مكة.

ولد سنة ثلاث وأربعين وست مائة، وأتقن مذهب الشافعي، وبرع في علم الأصول، وصحب أبا العباس المرسي، ودخل في طريق الحب.

قال رضي الله عنه: قال لي شيخ في بلاد العجم: إنك ستلقى القطب في الديار المصرية، فخرجت لذلك، فخرج عليّ جماعة في بعض الطريق، فأمسكوني وكتفوني وقالوا: هذا جاسوس، وهمّ بعضهم بقتلي، فمنعه بعضهم، فبت مكتوفا أفكر في أمري وما بي جزع الموت، وإنما بي أن أموت قبل أن أعرف ربي، فنظمت أبياتا وضمنتها قول امرئ القيس، ومن جملة أبياته التي ذكر هذان البيتان: [من الوافر]

وقد أوطيت نعلي كل أرض ... وقد أتعبت نفسي باغترابي

وقد طوّفت بالآفاق حتى ... رضيت من الغنيمة بالإياب

فما أتممت الإنشاد حتى انقض علي رجل صفته كذا وكذا كانقضاض البازي وقال: قم يا عبد الله، فأنا مطلوبك، وحلّ كتافي، فلما قدمت الديار المصرية .. سمعت بشيخ يقال له: أبو العباس المرسي، فلما رأيته .. عرفت أنه الذي أطلقني، ثم تبسم وقال: لقد أعجبني إنشادك وتضمينك وقولك كذا وكذا ليلة أسرت، فصحبه ولازمه إلى أن مات المرسي، وأوصى الشيخ نجم الدين بالذهاب إلى مكة، فجاور بها بضعا وعشرين سنة،


(١) «مرآة الجنان» (٤/ ٢٦٥).
(٢) تقدمت ترجمته في أول هذه العشرين، فانظر مصادر ترجمته هناك (٦/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>