للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذكر له إسراع الواسطي في طوافه، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: قل له: إن قدر يزيد على ذلك الإسراع .. فليفعل-قال-: والذي فهمت منه أنه كان في عدوه ذلك واجدا، ويدل عليه أني رأيته يطوف في شدة الحر، فسألته عن ذلك، فقال: ما أجد حرا.

قال: وبلغني أنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلم في اليقظة، فسألته عن ذلك، فأقر به.

توفي ببدر محرما متوجها إلى الحج في سنة ثلاث وثلاثين وسبع مائة.

قال الشيخ اليافعي: وكان في ذلك الوقت ثلاثة رجال واسطيون كلهم ملاح، مع تفاوت طريقتهم في أوصاف الصلاح:

أحدهم: الشيخ علي المذكور، كانت طريقته الانفراد والبعد من الناس كلّهم كأنه أسد، وكان مهنا ملك العرب يحبه ويعظمه، ويقسم برأسه.

الثاني: الشيخ عزّ الدين الواسطي، وكانت طريقته القرب من كل أحد مطلقا، حتى لو جاءه صغير .. ذهب به حيث شاء، وكان سليم الصدر، لا يدري ما عليه الناس، حتى أنه دخل العسكر المدينة مع الشريف ودي، فلما رآهم .. قال: ما هؤلاء؟ وكانوا قد حاصروا المدينة أياما كثيرة، وما عنده شعور بذلك، وهو في ذلك الوقت إمام الناس في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان أكثر مجاورته بالمدينة الشريفة.

قال الشيخ اليافعي: وهو آخر من ألبسني الخرقة، وبينه بين الشيخ شهاب الدين السهروردي واحد.

والثالث: من الواسطيين المذكورين: ابن الشيخ أحمد الواسطي، كانت طريقته متوسطة بين طريقتي المذكورين، يتقرب من الفقراء، ويتباعد من أهل الدنيا، وكان صاحب جد واجتهاد) اه‍ (١)

٣٩٤٠ - [أبو الحسن الأبيني] (٢)

علي بن سالم بن أبي الفرج بن سلام أبو الحسن الأبيني.

كان عالما عاملا، ورعا فاضلا، عارفا محققا.

تفقه ببلده، فاستدعاه المؤيد إلى زبيد، فأقر مدرسا في السيفية الكبرى، وقصده


(١) «مرآة الجنان» (٢٨٨/ ٤ - ٢٩٠).
(٢) «طراز أعلام الزمن» (٢/ ٢٨٦)، و «المدارس الإسلامية» (ص ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>