للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«التنبيه» جميعه، ومن أول «المهذب» إلى المساقاة، ثم رجع إلى عدن، ولازم القاضي رضي الدين الحبيشي، وتفقه به، وقرأ عليه كثيرا من الكتب الفقهية والحديثية وغيرها، ثم ارتحل إلى زبيد، فأخذ عن علمائها كالقاضي مجد الدين الشيرازي، والشيخ أحمد الرداد وغيرهما، واجتمع بشمس الدين الجزري، واستجاز منه، واستجاز من خلق عظيم بالمكاتبة وغيرها.

وعنه أخذ القاضي أبو شكيل، وعليه تفقه، وبه انتفع، وأخذ عنه أيضا الفقيه ابن عطيف، والمقرئ يوسف وغيرهم.

وأخذ عن محمد بن علي العقيلي النويري، وخالد بن الشيبي وغيرهما، وبالمدينة عن ابن المراغي، وأظنه اجتمع بسراج الدين بن النحوي فاستجاز منه، واستجاز من عدة شيوخ بالمكاتبة من دمشق ومصر والقاهرة، وأخذ عن الشيخ الأبناسي، والشيخ شهاب الدين أحمد بن عمر الأنصاري السهروردي النائب، وأخذ عن الشيخ أصيل الدين عبد الرحمن الدهعلي، وعن الشيخ نور الدين علي بن محمد الحنفي الطحنشهاوي وغيرهم.

وولي قضاء عدن، وباشره بعفة وصيانة وديانة، وحسن سيرة، ومهابة، ونفوذ كلمة.

وحدثني من لا أتهمه عن الشيخ خليل المؤذن صاحب القاضي المذكور قال: استفسح القاضي ابن كبن من الأشرف أو ابنه الناصر-الشك مني-في الحج، ونيّب في القضاء شخصا عينه، وذكر للسلطان أنه أصلح منه للقضاء، فأذن له في ذلك، فحج وزار ثم رجع إلى عدن وقد استقل نائبه بالقضاء من جهة السلطان، فراجع في رجوع ذلك إليه، فكتب إليه السلطان: لا يمكن عزل من قد شهدت له بأنه أصلح منك بك، فتعب من ذلك، فلم يكن غير أيام يسيرة حتى وصله منشور الولاية وفيه: أن توليته كانت بالإشارة النبوية، فيقال: إن السلطان رأى النبي صلّى الله عليه وسلم في المنام يأمره بتوليته. انتهى

وعزل مرة أو مرتين بالقاضي تقي الدين عمر بن محمد اليافعي.

وكان راتبه كل ليلة ألف مرة من الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلم كما أخبرني بذلك بعض من أدركه، وسبب ذلك ما وجدته بخطه قال: (حصلت عليّ شدة من مكيدة، الله يعلم بأنها مكذوبة، فضقت في بعض أيامها بعد صلاة الظهر، فأردت إنشاء قصيدة، فبدأت بهذه الأبيات: [من الكامل]

ما لي سوى جاه النبي محمد ... جاه به أحمى وأبلغ مقصدي

<<  <  ج: ص:  >  >>