للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غرضه أن يعمر السور كله على ذلك النمط، فلم يساعد على ذلك لكثرة المصروف، ثم خرج الشيخ عبد الملك من عدن إلى لحج، فعيد بها عيد النحر.

وأما برسباي .. فإنه لما استقر بزبيد .. قرر أحوال الناس، وأظهر حسن السياسة والتدبير، ومشى بالناس مشيا حسنا، وأقام بزبيد إلى أثناء شهر شعبان، وأمر بنصب خيامه خارج باب الشبارق، فنصبت، وأقام في الجبانة ثلاثة أيام يجمع العساكر، ثم سار بهم إلى حيس-يقال: كان غرضه المسير إلى عدن طريق البر ليحصرها برا؛ مساعدة لأصحابه في حصرها بحرا-فلما بلغ حيس .. بلغه أن حسينا بالمخا قد رجع من عدن، فرجع إلى المخا، واجتمع بحسين بها، ثم سار برسباي إلى موزع، فانتهبها، وكان جماعة قد أودعوا أموالهم في بيت الشيخ عبد الله بن سلامة، فنهبها بعد أن كان قد آمن الشيخ على نفسه وماله [إثر صلح بينه وبين برسباي، ولكن نقض برسباي العهد] (١)، ثم قتل مقدم الغجر الذي معه، فلما قتله .. خاف على نفسه، فرجع إلى زبيد، فدخلها في أثناء شهر رمضان.

وأما السلطان .. فإنه لما بلغه أخذ زبيد وموت ولده وهو يومئذ بالمقرانة .. خرج منها إلى مدينة إبّ، فدخلها في أوائل شهر رجب، وأقام بها إلى أثناء شعبان، وتوجه منها إلى زبيد، وعرج عن دخول تعز، وأقام بخدر (٢) أياما، ثم تقدم إلى القورن (٣)، فصام هنالك شهر رمضان، وعيد عيد الفطر، ثم توجه إلى زبيد، فلما تحقق المصريون ذلك .. أرسلوا إليه رسلا صحبة شيخنا القاضي أحمد بن عمر المزجّد يطلبون الصلح على أن يسلّموا البلد وما بأيديهم من الخيل والسلاح ويعطيهم مالا عينوه في قبيل ذلك، ويخرجون بما معهم ما عدا الخيل والسلاح، فاجتمعوا بالسلطان، وسمعوا كلامه وميله إلى الصلح، فطابت أنفسهم، فأشار بعض خواص السلطان عليه بعدم قبول ذلك، وأوقع في قلب السلطان أن ذلك مكيدة منهم، فأعرض عن الرسل، وردهم خائبين، وأمسك القاضي عنده ليقضي الله أمرا كان مفعولا.

ثم سار السلطان بعساكره إلى قرية التريبة، فحط من غربيّها، وخرج إليه المصريون يوم الأربعاء تاسع شهر شوال، فكانت بينهم وقعة عظيمة قتل جماعة منهم، ورجعوا إلى زبيد، فأمسوا بها ليلة الخميس متأهبين لمعاودة القتال، وأمسى أصحاب السلطان ما بين جريح


(١) بياض في الأصول، والاستدراك من «الفضل المزيد» (ص ٣٦٨) بتصرف.
(٢) كذا في الأصول، وفي «الفضل المزيد» (ص ٣٦٨): (وأقام بحذرار).
(٣) كذا في الأصول، وفي «الفضل المزيد» (ص ٣٦٨): (إلى القويرين).

<<  <  ج: ص:  >  >>