للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك .. بكى، وسأل الذمة ليسلم إليهم البلد، فأعطوه ذمة، وفتح لهم البلد، فلما دخلوها واستقروا بها .. مالوا على أهل المدينة، فقتلوا منهم جمعا كثيرا ينيفون على الخمس مائة أكثرهم من آل عمار الذين قتلوا برسباي ببلدهم، وتم لهم الدست، فأقاموا بصنعاء نحو شهرين، وأخذوا منها أموالا جليلة من النهب ومصادرة التجار وغير ذلك، واستصفوا أموال الأمير علي بن محمد البعداني وكانت أموالا عظيمة، ولما عزموا على التوجه من صنعاء ..

خنقوا الأمير علي بن محمد البعداني، وتركوا منهم جماعة بصنعاء، وساروا إلى زبيد على طريق يخار (١)، فلقيتهم جملة جموع بني حبيش ومن والاهم إلى الطريق، فكانت بينهم هنالك وقعة عظيمة نصر فيها بنو حبيش عليهم، فنهبوا الأموال، وقتلوا الأبطال، واستنقذوا الشيخ عامر بن عبد الملك بن عبد الوهاب منهم، وأخذوا عليهم جميع ما أخذوه من المقرانة وصنعاء، وكان وقر ثمانية آلاف جمل من الذخائر والجواهر والذهب والفضة والمصاغ والقماش والنفائس والعدد وغير ذلك، وانهزموا في كل جهة، وتفرقوا شذر مذر، ودخل الأمير الإسكندر والشريف عزّ الدين إلى زبيد ليلا ليلة التاسع والعشرين من جمادى الآخرة منهزمين مسلوبين ومعهم ولد السلطان أبو بكر بن عامر بن عبد الوهاب أسيرا، وقد كانوا أسروه وأسروا ابن عمه الشيخ عامر بن عبد الملك بن عبد الوهاب بعد قتل أبويهما كما تقدم تحت صنعاء (٢) تغمدهما الله برحمته الواسعة، وغفر لهما مغفرة لخير الدارين جامعة، وقابلهما برضوانه، وأحلهما أعلى رتبة في جنانه: [من الطويل]

أخلائي ضاع الدين من بعد عامر ... وبعد أخيه أعدل الناس في الناس

فمذ فقدا والله والله إننا ... من الأمن والسلوان في غاية الياس (٣)

هذا آخر ما شوهد مما لخصه الفقيه العلامة المحدث وجيه الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد بن عمر الديبع الشيباني المحدث بزبيد فسح الله في مدته.

وفي هذه السنة: وصل الفرنج من الهند إلى بندر عدن في ثلاثين خشبة ما بين برشة وغراب مظهرين السّعدة لأهل عدن على المصريين، ولم يغيروا شيئا في البندر ولا غيره، ونزل منهم جماعة إلى الساحل، وواجههم الأمير مرجان بالساحل، وقدم لهم الضيافة العظيمة إلى مراكبهم، وطلبوا ربابين تسير بهم إلى جدة، فدفع إليهم الأمير جماعة ربابين


(١) كذا في الأصول، وفي «الفضل المزيد» (ص ٣٧١): (على طريق نقيل يخار).
(٢) انظر (٦/ ٥٨٣).
(٣) «الفضل المزيد» (ص ٣٦٩)، و «تاريخ الشحر» (ص ١٢٤)، و «اللطائف السنية» (ص ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>