للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها: وصل الفرنج في نيف وعشرين خشبة ما بين غارب وغليون وبرشة، وفيها برشة كبيرة جدا فيها غالب أموالهم وزادهم ومدافعهم، وكان غرضهم الوصول إلى بندر عدن، فغلط معلمهم، ووقع مندخه على العارة والريح أزيب (١) لم يمكنهم معه الرجوع إلى عدن، وعربت (٢) عليهم البرشة الكبيرة، فحملوا ما خف منها إلى بقية الخشب، وتركوها وتوجهوا بزعمهم إلى جدة، فلما وصلوا العارة، وذلك في أول جمادى الأولى .. كتب الشيخ محمد بن إسماعيل السروري إلى الأمير مرجان يعلمه بوصول الفرنج، فاستعد الأمير لهم، ورتب العسكر على مراتبهم في الدروب وغيرها، فبعد يومين وصل العلم بأنهم ساروا إلى جهة الشام.

ولما رأى الشيخ أحمد من الأمير عدم تنفيذ أوامره وخطوطه .. نزل من الجبل على نية إلى عدن ليكشف عن حقيقة الأمر؛ إن يكن سلطانا حقيقة .. أدخلوه، وإن يكن غير ذلك .. عرفه، فوصل إلى صهيب وصحبته أحمد بن نسر الأيوبي في جمع من آل أيوب وغيرهم، وعلم الأمير بذلك، فتعب أشد التعب، ولما وصل الشيخ أحمد إلى صهيب ..

أرسل الشيخ عبد القادر بن محمد العمودي إلى الأمير يستعطف خاطر الأمير ويعلمه أن أهل الجبل لم ينقادوا له وقالوا: لا نعرف أنك لنا سلطان حتى يدخلوك عدن، وإنما غرضه ألا يدخل عدن ويقيم بها أياما، ثم يخرج إلى الجبال على رأي الأمير ليتحقق أهل الجبل أن الأمير منه ظاهرا وباطنا، فوصل الشيخ العمودي إلى عدن بالرسالة صبح الجمعة، فحجبه الأمير، ولم يمكنه الاجتماع بالأمير قبل صلاة الجمعة، فلما خرج الأمير إلى الجامع .. أمر الخطيب بالخطبة للشيخ عبد الملك بن محمد بن عبد الملك بن داود، فخطب له، واجتمع الشيخ عبد القادر العمودي بالأمير بعد الصلاة، فبلغ الرسالة، وأطلق عليه أوراق الشيخ أحمد بن محمد، فقال له الأمير: الجواب ما قد سمعته بالجامع من الخطيب، وأخرجه من البلد في الحال، وأرسل إلى أحمد بن نسر شيخ آل أيوب بمال جزيل ووعده بوعد جميل على أن يتخلى من الشيخ أحمد بن محمد، وكذلك أرسل الأمير إلى الدّويداريّة والعبيد الذين مع الشيخ أحمد بن محمد بمال على أن يتخلوا منه، فاتفق أن الشيخ أحمد بن محمد خرج من محطته لبعض أغراضه، فأظهر العسكر المهاوشة والمقاتلة بينهم البين،


(١) أزيب: شديدة.
(٢) عربت: غلبت (لهجة يمنية).

<<  <  ج: ص:  >  >>