للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولد عام الشعب بالشعب قبل الهجرة بثلاث سنين، وتوفي صلّى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وقيل: خمس عشرة سنة، ورجحه الإمام أحمد، وضمه صلّى الله عليه وسلم إلى صدره وقال: «اللهمّ؛ علّمه الكتاب» (١)، وفي رواية: «علّمه الحكمة، اللهم فقّهه» (٢)، وحنكه صلّى الله عليه وسلم بريقه، فكان لكثرة علمه يقال له: الحبر والبحر، وكان عمر يعظمه ويقدمه، ويعتد بكلامه مع حداثة سنة.

وهو أحد العبادلة الأربعة؛ وهم: هو، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاصي.

وأحد الستة الذين هم أكثر الناس رواية عن النبي صلّى الله عليه وسلم، ويفضلهم:

أبو هريرة، وابن عمر، وجابر، وابن عباس، وأنس، وعائشة، رضي الله عنهم.

مكث رضي الله عنه نحو أربعين سنة تشد إليه الرحال، كان يجلس يوما للتأويل، ويوما للفقه، ويوما للمغازي، ويوما للشعر، ويوما لأيام العرب.

قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: ما رأيت عالما قط جلس إليه إلا خضع له، ولا سأله سائل إلا وجد عنده علما، وعمي رضي الله عنه كأبيه وجده، فكان يقول: [من البسيط]

إن يأخذ الله من عينيّ نورهما ... ففي لساني وقلبي منهما نور

قلبي ذكيّ وفهمي غير ذي دخل ... وفي فمي صارم كالسيف مأثور

توفي رضي الله عنه بالطائف سنة ثمان وستين، وقيل: سنة تسع وستين، وقيل: سنة سبعين، وصلّى عليه محمد بن علي بن أبي طالب، وقال: اليوم مات رباني هذه الأمة.

وروي عن ميمون بن مهران قال: شهدت جنازة ابن عباس، فلما وضع ليصلى عليه ..

جاء طائر أبيض، فوقع على أكفانه، فدخل فيها فالتمس فلم يوجد، فلما سوينا عليه التراب .. سمعنا من يسمع صوته ولا يرى شخصه، فقرأ: {يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* اِرْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً* فَادْخُلِي فِي عِبادِي* وَادْخُلِي جَنَّتِي.}


(١) أخرجه البخاري (٧٥)، والترمذي (٣٨٢٤).
(٢) أخرجها البخاري (١٤٣) و (٣٧٥٦)، ومسلم (٢٤٧٧)، والترمذي (٣٨٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>