للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان رضي الله عنه كثير العلم والورع، قالوا: لا يعلم أحد أسند عن علي عن النبي صلّى الله عليه وسلم أكثر ولا أصح مما أسند محمد ابن الحنفية.

وكان فيه قوة شديدة، يقال: إن عليا رضي الله عنه استطال درعا له، فقال له: أنقص منها كذا وكذا حلقة، فقبض محمد إحدى يديه على ذيلها والأخرى على فضلها، ثم جذبها، فانقطع من الموضع الذي حده أبوه.

وأرسل ملك الروم إلى معاوية برجلين: أحدهما طويل جسيم، والآخر أيّد، وقال:

هل فيكم مثلهما؟ فدفع قيس بن سعد سراويله إلى الطويل، فلبسها فبلغت ثندوته، فأطرق مغلوبا، وقال محمد ابن الحنفية للأيّد: إن شاء .. فليجلس وليعطني يده حتى أقيمه أو يقعدني، وإن شاء أن يكون القائم وأنا القاعد، فاختار الرومي الجلوس فأقامه محمد، وعجز الرومي عن إقامته.

وكانت الراية بيده يوم صفين، فيقال: إنه توقف أول يوم في حملها؛ لكونه قتال المسلمين، ولم يكن شهد مثله، فقال له علي: وهل عندك شك في جيش مقدمه أبوك؟ فحملها، فقيل له: كيف كان أبوك يقحمك المهالك ويولجك المضائق دون أخويك الحسن والحسين؟ فقال: لأنهما كانا عينيه، وكنت يديه؛ فكان يقي عينيه بيديه.

قلت: قال الإمام النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» في ترجمة ابن الحنفية:

(ويقال لمحمد هذا: ابن الحنفية، ومحمد بن علي، ومحمد بن علي ابن الحنفية، فينسب إلى أبيه وأمه جميعا، فعلى هذا: يشترط أن ينون علي ويكتب ابن الحنفية بالألف، ويكون إعرابه إعراب محمد؛ لأنه وصف لمحمد لا لعلي، ولهذا نظائر وقد أفردتها في جزء، منها: عبد الله بن مالك ابن بحينة: مالك أبوه وبحينة أمه، وعبد الله بن أبي ابن سلول المنافق: أبيّ أبوه وسلول أمه، وإسماعيل بن إبراهيم ابن علية مثلهما) اهـ‍ باختصار (١)، والله أعلم.

ولما بايع أهل الحجاز ابن الزبير بالخلافة، ودعا عبد الله بن عباس ومحمد ابن الحنفية إلى بيعته .. قالا: لا نبايعك حتى تجتمع البلاد والعباد، فتهددهما، ويقال: إنه توعدهما بالحريق، وجمع الحطب لذلك، فأرسل محمد ابن الحنفية إلى شيعته بالكوفة، فاستنقذوه من ابن الزبير.


(١) «تهذيب الأسماء واللغات» (١/ ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>