للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمع أباه وأخاه عبد الله وأمه أسماء وخالته عائشة، وأكثر الرواية عنها.

ولد عروة سنة اثنتين وعشرين، وقيل: سنة ست وعشرين، وهو شقيق عبد الله، وأما مصعب: فأخوهما من الأب، وسمع سعيد بن زيد وحكيم بن حزام، وغيرهم من الصحابة والتابعين، وروى عنه جمع من التابعين.

قال ابن شهاب: كان عروة بحرا لا تكدره الدلاء.

وكان ثقة كثير الحديث، فقيها عالما، مأمونا ثبتا، ومناقبه كثيرة مشهورة، وهو مجمع على جلالته، وعلو مرتبته، ووفور علمه، وأصابت الأكلة رجله، فقيل له: إن لم نقطعها .. سرت إلى غيرها، فقطعت رجله، ولم يشعر الوليد بن عبد الملك بقطعها وهو حاضر عنده لعدم تحركه وأنينه حتى كويت، فوجد الوليد رائحة الكي، ومات ولد له في تلك الحالة، فقال: الحمد لله، لئن قطعت عضوا .. لقد أبقيت أعضاء، ولئن أخذت ولدا .. فلقد أبقيت أولادا.

وكان عبد الملك يقول: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة .. فلينظر إلى عروة؛ وذلك لما يحكى: أنه اجتمع عروة وأخواه عبد الله ومصعب وعبد الملك بن مروان بالمسجد الحرام أيام تآلفهم بعهد معاوية، فقالوا: هلمّ فلنتمنه.

فقال عبد الله بن الزبير: منيتي أن أملك الحرمين وأنال الخلافة.

وقال مصعب: منيتي أن أملك العراقين وأجمع بين عقيلتي قريش: سكينة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة.

وقال عبد الملك: منيتي أن أملك الأرض وأخلف معاوية.

وقال عروة: لست في شيء مما أنتم فيه، منيتي الزهد في الدنيا والفوز بالجنة في الأخرى، وأن أكون ممن يروى عنه العلم، فما ماتوا حتى بلغ كل واحد منهم إلى أمله.

توفي عروة سنة أربع وتسعين، وقال البخاري: (سنة تسع وتسعين) (١).


= و «تهذيب الكمال» (٢٠/ ١١)، و «سير أعلام النبلاء» (٤/ ٤٢١)، و «تاريخ الإسلام» (٦/ ٤٢٤)، و «مرآة الجنان» (١/ ١٨٧)، و «البداية والنهاية» (٩/ ١٢٤)، و «تهذيب التهذيب» (٣/ ٩٢)، و «شذرات الذهب» (١/ ٣٧٢).
(١) «التاريخ الأوسط» (١/ ٣٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>