للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله أشعار كثيرة، منها: [من الوافر]

وما طلب المعيشة بالتمني ... ولكن ألق دلوك في الدّلاء

تجيء بملئها طورا وطورا ... تجيء بحمأة وقليل ماء

ومنه: [من الكامل]

صبغت أمية في الدماء أكفّنا ... وطوت أمية دوننا دنياها

أي: بنو أمية أوردونا معارك القتال، وبخلوا علينا بالمال.

أصابه الفالج في آخر عمره، فكان يخرج إلى السوق يجر رجليه، وكان موسرا ذا عبيد وإماء، فقيل له: قد أغناك الله عن السعي في حاجتك، فلو جلست في بيتك، قال: لا، ولكني أخرج وأدخل، فيقول الخادم: قد جاء، والصبي: قد جاء، ولو قعدت في البيت فبالت الشاة علي .. ما منعها أحد عني.

قال اليافعي: (يحتمل قوله: «قد جاء» الإشارة إلى أنه يجيء بشيء يفرحون به من السوق، فيكون في ذلك تجديد فرح لهم بعد فرح، ويحتمل وهو الأقرب إلى كلامه: أنهم يخافون منه، فمجيئه يجدد لهم خوفا بعد خوف، ويكون ذلك وسيلة إلى التأدب والحذر منه) (١).

ولي البصرة لعلي رضي الله عنه، ولم يزل عليها واليا إلى أن قتل علي.

وسمع قائلا يقول: من يعشّي الجائع؟ فطلبه فعشّاه، فذهب السائل ليخرج، فقال:

أين تريد؟ قال: أهلي، قال: هيهات! ما عشيتك إلا على ألا تؤذي المسلمين الليلة، ثم وضع في رجله القيد حتى أصبح.

وتوفي أبو الأسود بالبصرة سنة تسع وتسعين على خلاف قد تقدم (٢).

قلت: قال ابن حجر: (هو ثقة فاضل مخضرم) (٣)، والله سبحانه أعلم.


(١) «مرآة الجنان» (١/ ٢٠٦).
(٢) ذكره المصنف رحمه الله تعالى في حوادث سنة (٦٩ هـ‍)، ولم يترجم له في وفيات تلك السنة، وهي سنة وفاته في جميع المصادر عدا «مرآة الجنان» و «شذرات الذهب» بخلف فيهما، وواضح أن المصنف تبع اليافعي في ذلك، قال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (٤/ ٨٦): (وأخطأ من قال: توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز).
(٣) «تقريب التهذيب» (ص ٦١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>