للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: أنظراني ثلاثا، فخرجا من عنده، وبلغ ذلك بني مروان، فخافوا أن يخرج ما في أيديهم من الأموال وأن يخلع يزيد، فدسوا إلى عمر من سقاه سما، فلم يلبث بعد خروجهما من عنده ثلاثا حتى مات بدير سمعان قرية من حمص، وقبره مشهور هناك يزار ويتبرك به.

توفي يوم الجمعة لخمس بقين من رجب سنة إحدى ومائة، وفي ذلك يقول جرير من قصيدة: [من البسيط]

لو كنت أملك والأقدار غالبة ... تأتي رواحا وتبيانا وتبتكر

رددت عن عمر الخيرات مصرعه ... بدير سمعان لكن يغلب القدر

وعمره تسع وثلاثون سنة وستة أشهر، وكان يقال له: أشج بني أمية؛ لأن دابة ضربته في وجهه فشجته.

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: من ولدي رجل بوجهه شجة يملأ الأرض عدلا.

وكان لعمر بن عبد العزيز أربعة عشر ابنا، منهم الولد الصالح عبد الملك، كان من أعبد الناس وأبرهم بوالديه، وكان وزيرا صالحا لأبيه، وبطانة خير يشير عليه بمصالح الرعية، ويعينه على الاهتمام بمصالح المسلمين، وتوفي قبل أبيه وهو ابن سبع عشرة سنة وستة أشهر.

قال الإمام أحمد ابن حنبل: (روي في الحديث: «إن الله يبعث على رأس كل مائة عام من يصحح لهذه الأمة دينها»، فنظرنا في المائة الأولى؛ فإذا هو عمر بن عبد العزيز) اه‍ (١)

قال النووي: (وهذا الحديث الذي ذكره الإمام أحمد رواه أبو داود في «سننه» عن أبي هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وحمله العلماء في المائة الأولى على عمر، وفي الثانية على الشافعي، وفي الثالثة على أبي العباس بن سريج، وقيل: أبو الحسن الأشعري، وفي الرابعة على أبي سهل الصعلوكي، أو ابن الباقلاني، أو أبي حامد الأسفراييني، وفي الخامسة على الإمام أبي حامد الغزالي) اه‍ (٢)


(١) أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٥١/ ٣٣٩).
(٢) «تهذيب الأسماء واللغات» (٢/ ١٨)، والحديث في «سنن أبي داود» (٤٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>