للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمع القاسم سعيد بن جبير، وأبا الطفيل.

وروى عنه ابن جريج، وشعبة وغيرهما.

توفي سنة أربع وعشرين ومائة.

٥٩٤ - [هشام بن عبد الملك] (١)

هشام بن عبد الملك بن مروان القرشي الأموي الخليفة أبو الوليد.

أتته الخلافة على البريد وهو مقيم بالرّصافة، فركب منها إلى دمشق لليال بقين من شعبان في سنة خمس ومائة.

وتوفي في الرّصافة المعروفة بقنسرين لست خلون من ربيع الآخر سنة خمس وعشرين ومائة بالذبحة وعمره خمس-أو أربع-وخمسون سنة، ومدة ولايته عشرون سنة إلا خمسة أشهر.

وكان ذا رأي وحزم وحلم وجمع للمال، حج في سنة فلقيه سعيد بن عبد الله بن الوليد بن عثمان، وراوده على إعادة لعن علي رضي الله عنه على المنبر، فلم يوافقه هشام على ذلك، وكان عمر بن عبد العزيز قد رفع ذلك وجعل عوضه {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى.}

خرج مرة يتصيد، فطردت الكلاب ظبيا، وتبعها هشام وحده فوجد صغيرا يرعى الغنم، فصاح به: يا صبي؛ دونك الظبي لا يفوتك، فخاطبه الصبي بكلام قبيح، ونسبه إلى سوء الأدب لبداءته بالكلام قبل السلام، فقال له: أنا هشام بن عبد الملك، قال الصبي:

لا قرب الله دارك ولا حيا مزارك، فما استتم الصبي كلامه حتى أحدقت به الخيول والعساكر، فأمرهم باحتفاظ الغلام، فلما وصل إلى سرير ملكه، وأحدقت به الأمراء والوزراء، والصبي ساكت .. فقال له بعض الوزراء: يا كلب العرب؛ ما منعك أن تسلم على أمير المؤمنين، فقال الصبي: يا برذعة الحمار؛ منعني طول الطريق وبهر الدرجة (٢)،


(١) «تاريخ الطبري» (٧/ ٢٠٠)، و «سير أعلام النبلاء» (٥/ ٣٥١)، و «تاريخ الإسلام» (٨/ ٢٨٢)، و «العبر» (١/ ١٦٠)، و «البداية والنهاية» (٩/ ٤٠٦)، و «مرآة الجنان» (١/ ٢٦١)، و «مآثر الإنافة» (١/ ١٥٠)، و «تاريخ الخلفاء» (ص ٢٩١)، و «شذرات الذهب» (٢/ ١٠٢).
(٢) البهر: تتابع النّفس من الإعياء والتعب.

<<  <  ج: ص:  >  >>