للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٥٥ - [مروان بن محمد] (١)

مروان بن محمد بن مروان بن الحكم الأموي آخر ملوك بني أمية، يكنى: أبا عبد الملك، ويلقب بالجعدي؛ لاتباعه مذهب الجعد بن درهم، وكان الجعد زنديقا، فصلبه هشام، وكانوا يسمون مروان حمار الجزيرة، أمه أم ولد كردية، يقال: إنها كانت لإبراهيم بن الأشتر، أخذت من عسكر مصعب بن الزبير، فأصابها أبوه محمد بن مروان وهي حامل، فولدت له مروان على فراشه، وكان بنو مروان يكرهون أن يولوا الخلافة ابن أمة؛ لما كانوا يرون من ذهاب ملكهم على رأس ابن أم ولد.

ولما قتل الوليد بن يزيد بن عبد الملك في سنة ست وعشرين .. خرج مروان مطالبا بدمه، ودخل دمشق في أول صفر من سنة سبع وعشرين، فأول من سلم عليه بالخلافة السفياني، وهو زياد بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وكان السفياني محبوسا بالخضراء مع عثمان والحكم ابني الوليد بن يزيد بن عبد الملك وليّا عهده، فقتلا في الخضراء وسلم السفياني، فلما سلم على مروان بالخلافة .. قال: ما هذا؟ قال: عهد إليكم الحكم وعثمان، فنزل مروان بالعالية، وبايع له أهل الشام، وكانت أيامه كلها فتنا وحروبا كما ذكرناها في الحوادث، ثم كان آخر أمره خرج بجيش كثيف من الجزيرة، وأوعت معه بنو أمية، فجهز إليه أبو العباس السفاح عمه عبد الله بن علي، فالتقيا بالزاب قرب الموصل، فانكسر مروان وانهزم، فقيل له: تنهزم وعندك مائة ألف فارس، فقال: إذا انقضت المدة لم تنفع العدة، فتبعه عبد الله بن علي إلى الشام، فهرب منه إلى مصر، فجرد وراءه بجريدة مع صالح بن علي عم السفاح أيضا (٢)، وكان قد عبر النيل طالبا بلاد الحبشة، فلحقه صالح بن علي ببو صير، فقاتل حتى قتل لثلاث بقين من ذي الحجة من سنة اثنتين وثلاثين ومائة-فمدة ولايته إلى أن بويع لأبي العباس السفاح خمس سنين وشهران، وبقي بعد البيعة لأبي العباس تسعة أشهر ونصف-وعمره نيف وستون سنة.

وكان بطلا شجاعا ذا حزم وسياسة، لكن لم يساعده القدر، وكان معه أخ لعمر بن عبد العزيز، كان أحد الفرسان فتقنطر به فرسه فقتلوه.


(١) «تاريخ الطبري» (٧/ ٣١١)، و «سير أعلام النبلاء» (٦/ ٧٤)، و «تاريخ الإسلام» (٨/ ٥٣٣)، و «مرآة الجنان» (١/ ٢٧٩)، و «تاريخ الخلفاء» (ص ٣٠٢)، و «شذرات الذهب» (٢/ ١٣٨).
(٢) الجريدة: الخيل التي لا رجّالة فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>