للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدخل مرو مستخفيا، فنزل قرية خالد بن إبراهيم الذهلي أول يوم من شهر رمضان، ودفع كتاب الإمام إلى سليمان بن كثير، وكان فيه: أن أظهر دعوتك، ولا تربص، فاتعدوا ليلة الخميس لخمس بقين من رمضان من السنة المذكورة، ووجه أبو مسلم إلى العلاء بن حرب بخوارزم: أن يظهر الدعوة في الليلة المذكورة، فإن أعجلهم عدوهم .. فقد حل لهم أن يدفعوا عن أنفسهم، وأن يجردوا السيوف ويجاهدوا، وإن شغلهم عدوهم عن الوقت .. فلا حرج عليهم أن يظهروا بعد الوقت، فلما كان يوم الميعاد .. لبّس أبو مسلم كل من أجاب الدعوة السواد، وخرج في راية تسمى السحاب وهم يتلون: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} فاجتمعت إليه الشيعة حتى أصبحوا مغذين من كل جانب، ولما كان يوم العيد .. أمر أبو مسلم سليمان بن كثير أن يصلي بالناس العيد قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة، وأن يكبر في الركعة الأولى ست تكبيرات، وأن يفتتح الخطبة بالتكبير ويختمها بالقرآن، وأن يخطب قائما، وكان بنو أمية يخطبون في الجمعة والأعياد قعودا، ويبدءون خطبة العيد بأذان ثم بالصلاة بإقامة على رسم صلاة الجمعة، ويكبرون في الركعة الأولى من صلاة العيد أربعا، وفي الثانية ثلاثا، وكان أبو مسلم إذا كتب إلى نصر بن سيار .. كتب إلى الأمير نصر من أبي مسلم، فلما قوي بمن اجتمع إليه .. بدأ بنفسه وكتب إلى نصر بن سيار، فعظم على نصر بن سيار كونه بدأ بنفسه ولم يلقبه بالأمير، وتغاضى، ثم أرسل إليه نصر بعد ثمانية عشر شهرا من الكتاب مولى له يقال له: يزيد لمحاربة أبي مسلم في عسكر كثيف، فوجه إليه أبو مسلم مالك بن الهيثم الخزاعي ومصعب بن قيس في مائتي رجل، ثم أمدهم بالرجال، فكسروا يزيد مولى نصر بن سيار، وحملوه إلى أبي مسلم مجروحا، فداواه وأحسن إليه، ورده إلى مولاه، وأحلفه ألاّ يحارب أبدا، وألاّ يكذب عليهم، وقال: هذا يرد عنا أهل الورع والصلاح؛ فإنا عندهم على غير الإسلام، فكان كما قال وظن، وهذه أول حرب كانت بين دعاة بني العباس وبين جماعة مروان بن محمد (١).

وفي هذه السنة: هرب منصور بن جمهور إلى السند (٢).

وفيها: وافى عرفة يوم الوقوف أبو حمزة الخارجي في سبع مائة من الخوارج الإباضية أصحاب عبد الله بن يحيى الكندي الحضرمي الملقب بطالب الحق الخارج بحضر موت،


(١) «تاريخ الطبري» (٧/ ٣٥٣)، و «الكامل في التاريخ» (٤/ ٣٥٨)، و «البداية والنهاية» (١٠/ ٤٤٣).
(٢) «الكامل في التاريخ» (٤/ ٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>