للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي طالب، فكتب إلى ثلاثة منهم، وهم: جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وعمر بن علي بن الحسين بن علي، وعبد الله بن الحسن بن الحسن، فلما وصل كتابه إلى جعفر الصادق .. قال: وما أنا وأبو سلمة؟ ! هو شيعة غيري، ثم أحرق كتابه وقال للرسول: قد رأيت الجواب، وكذلك عمر بن علي بن الحسين رد الكتاب على الرسول وقال: ما أعرف أبا سلمة، وأما عبد الله بن الحسن .. فقرأ كتاب أبي سلمة، وركب إلى جعفر بن محمد، وأخبره بكتاب أبي سلمة يدعوه إلى الخلافة، ويرى أنه أحق الخلق بها وقد أجابته شيعتنا من خراسان، فقال له جعفر: ومتى صاروا شيعتك؟ ! أأنت وجهته إلى خراسان وأمرته بلبس السواد؟ ! وهل تعرف أحدا منهم باسمه ونسبه؟ ! فكيف تكون شيعتك وأنت لا تعرفهم ولا يعرفونك؟ ! فقال عبد الله بن الحسن لجعفر: ما هذا الكلام منك إلا لشيء، فقال له جعفر: قد علم الله أني أوجب النصح على نفسي لكل مسلم فكيف أدخره عنك؟ ! لا تمنين نفسك الأباطيل؛ فإن هذه الدولة تتم لهم، وما هي لأحد من ولد أبي طالب، وقد جاءني مثل ما جاءك، فأجبت بما ستعرف خبره، فانصرف وهو غير راض.

وأبطأ على أبي العباس وهو مختف بالكوفة أمر أبي مسلم وأبي سلمة، فخرج أصحاب له يطوفون بالكوفة، فلقي حميد بن قحطبة ومحمد بن صول رجلا من مواليهم ممن كان يحمل لهما الكتب، فعرفاه فسألاه، فأخبرهما أن القوم قد قدموا منذ أيام، وأنهم في سرداب ببني أود، فصارا إلى الموضع، فسلما عليهم وقالا: أيكم عبد الله؟ فقال أبو العباس وأبو جعفر: كلانا عبد الله، فقالا: أيكم ابن الحارثية؟ فقال أبو العباس:

أنا، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، ودنيا منه فبايعاه، وأخرجاهم إلى المسجد الجامع، فصعد أبو العباس المنبر فحصر، وصعد دونه بمرقاة عمه داود بن علي فخطب خطبته المشهورة، وبايع الناس عامة لأبي العباس في يوم الجمعة لأربع عشرة مضت من ربيع الأول، وكان عدد بني العباس يومئذ ثلاثة وأربعين رجلا، ونزل أبو العباس قصر الإمارة، ثم خرج إلى معسكر أبي سلمة، وجعل بينهما ستر يدخل منه، وأقام في معسكره إلى أن انهزم مروان بن محمد بالزاب (١).

وفيها: سار مروان بن محمد بجنود الشام والجزيرة والموصل، وحشدت معه بنو أمية كلهم بأنفسهم وأبناءهم حتى نزلوا الزاب بقرب الموصل، فجهز إليهم أبو العباس السفاح


(١) «تاريخ الطبري» (٧/ ٤٢٣)، و «الفرج بعد الشدة» (٤/ ٢٧٥)، و «البداية والنهاية» (١٠/ ٤٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>