للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى بني العباس .. جهز السفاح أخاه المنصور لحرب ابن هبيرة، فحارب معن مع ابن هبيرة المنصور، فلما هزم المنصور عسكر ابن هبيرة .. استتر معن خوفا منه، ولم يزل مستترا إلى يوم الهاشمية، وهو يوم مشهور ثار فيه جماعة من أهل خراسان على المنصور، ووثبوا عليه، وجرت مقتلة عظيمة بينهم وبين أصحاب المنصور بالهاشمية التي بناها السفاح بالقرب من الكوفة، وقد قدمنا ذلك في سنة إحدى وأربعين (١)، وكان معن بن زائدة متواريا في القرب منهم، فخرج معتما متلثما، وتقدم إلى القوم وقاتل قتالا أبان فيه عن نجدة وشهامة، وفرقهم وأفرج عن المنصور، فقال له المنصور: من أنت ويحك؟ فكشف لثامه وقال: أنا طليبك يا أمير المؤمنين معن بن زائدة، فأمنه المنصور وأكرمه وصيره من خواصه، ثم دخل في بعض الأيام على المنصور، فقال له: هيه يا معن تعطي مروان بن أبي حفصة مائة ألف درهم على قوله: [من الكامل]

معن بن زائدة الذي زادت به ... شرفا على شرف بنو شيبان

فقال: كلا يا أمير المؤمنين، إنما أعطيته على قوله في هذه القصيدة: [من الكامل]

ما زلت يوم الهاشمية معلنا ... بالسيف دون خليفة الرحمن

فمنعت حوزته وكنت وقاية ... من وقع كل مهند وسنان

فقال: أحسنت يا معن.

وقال له يوما: ما أكثر وقوع الناس في قومك، فقال: يا أمير المؤمنين:

إن العرانين تلقاها محسدة ... ولن ترى للئام الناس حسادا

ويقال: إن الأبيات المذكورة ليست لمروان بن أبي حفصة، وإنما قالها بعض أهل البادية في مروان بن محمد، ودخل الجزيرة لينشدها مروان بن محمد، فوافى انهزامه وكسيرته وزوال ملك بني أمية، فبقي حائرا مترددا، فلقيه مروان بن أبي حفصة، فسأله عن حاله فأخبره بقصته، فقال له: إن الذي كنت تأمل منه الجزاء قد مات، ولا عاد تنفعك هذه القصيدة شيئا، فهل لك أن تنحلني إياها وأعطيك كذا وكذا على ألاّ تنتحلها ولا تتسمى بها؟ وكان في قصيدة الأعرابي:

[من الكامل]

مروان يا بن محمد أنت الذي ... زادت به شرفا بنو مروان


(١) مراد المصنف رحمه الله تعالى ما سيأتي في حوادث تلك السنة (٢/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>