للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رياحا الذي كان أميرا بالمدينة في محبسه، وبعث عيسى برأس محمد إلى المنصور (١).

وفيها: خرج أخوه إبراهيم بن عبد الله بن الحسن الحسني بالبصرة، وكان سار إليها من الحجاز، فدخلها سرا في عشرة أنفس، ثم إنه دعا إلى نفسه سرا بالبصرة حتى بايعه بها نحو أربعة آلاف، وبايعه القراء والفقهاء، وتهاون والي البصرة سفيان بن معاوية بن عمر بن حفص حتى اتسع الخرق، فأظهر إبراهيم أمره أول ليلة من شهر رمضان، فتحصن منه أمير البصرة سفيان بن معاوية المذكور في دار الإمارة، ولما بلغ المنصور خروج إبراهيم بالبصرة .. تحول فنزل الكوفة ليأمن غائلة أهلها، وكان في الكوفة من يبايع لإبراهيم، وأقبل الخلق إلى إبراهيم ما بين ناصر وناظر، وأرسل المنصور جيشا مع جعفر ومحمد ابني سليمان بن علي، فقاتلا إبراهيم، فهزمهما إبراهيم، فلما انهزما .. طلب سفيان بن معاوية أمير البصرة من إبراهيم الأمان فأمنه، ففتح له القصر، فوجد إبراهيم من الحواصل ست مائة ألف، ففرقها بين أصحابه خمسين خمسين، وبعث إبراهيم عماله في شهر رمضان في الجهات ليخرج على المنصور من كل جهة فتق، فبعث عاملا على الأهواز، وآخر إلى فارس، وآخر إلى واسط، فتغلب أصحابه على هذه النواحي جميعها، وكان المنصور في جمع يسير وعامة جيوشه في النواحي، فالتزم بعدها ألاّ يفارقه ثلاثون ألفا، ووصل إلى إبراهيم مصرع أخيه بالمدينة قبل عيد الفطر بثلاث، فعيد الناس وهم يرون فيه الانكسار، والمنصور في ذلك لا يقر له قرار، ولم يأو إلى فراش خمسين ليلة، وفي كل يوم يأتيه فتق من ناحية، هذا ومائة ألف سيف كامنة له في الكوفة، فلو هجم إبراهيم الكوفة .. لظفر بالمنصور، ولكن كان فيه دين، فقال: أخاف إن هجمتها أن يستباح الصغير والكبير، فقيل له: تخرج على مثل المنصور، وتتوقى قتل الصغير والكبير؟ ! وكان أصحابه مع قلة رأيه يختلفون عليه وكل يشير برأي، فلم يبرح المنصور إلى أن وصل إليه من المدينة عيسى بن موسى وحميد بن قحطبة، فوجههما إلى إبراهيم في جيش كثيف، فالتقوا بإبراهيم وجنده على يومين من الكوفة، فاشتد الحرب وظهر أصحاب إبراهيم، فانهزم حميد بن قحطبة مقدم جيوش المنصور، ووصل إلى المنصور خلق من المنهزمين، فهيأ المنصور النجائب ليهرب إلى الري، وكان يتمثل بقول الشاعر: [من الكامل]

ونصبت نفسي للرماح دريّة ... إن الرئيس لمثل ذاك فعول


(١) «تاريخ الطبري» (٧/ ٥٥٢)، و «المنتظم» (٥/ ١٢٣)، و «الكامل في التاريخ» (٥/ ١٠٩)، و «تاريخ الإسلام» (٩/ ٢١)، و «دول الإسلام» (١/ ١٣٢)، و «شذرات الذهب» (٢/ ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>