للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الأصمعي: والدرية غير مهموز: دابة يستتر بها الصائد، فإذا أمكنه الصيد ..

رمى، وقال أبو زيد: هو بالهمز؛ لأنها تدرأ نحو الصيد؛ أي: تدفع.

ولما انهزم حميد بن قحطبة في أصحابه .. ثبت عيسى بن موسى في مائة من حاشيته، وجعل يثبت الناس، فأشير عليه بالفرار فقال: لا أزول حتى أظفر أو أقتل، وكان يضرب المثل بشجاعته، ثم دار جعفر ومحمد ابنا سليمان بن علي في طائفة، فجاءوا من وراء إبراهيم، وحملوا على عسكره.

قال: عيسى بن موسى لولا ابنا سليمان .. لافتضحنا، وكان من صنع الله أن أصحابنا لما انهزموا .. اعترض لهم نهر، ولم يجدوا مخاضة فرجعوا، فوقعت الهزيمة في أصحاب إبراهيم حتى بقي في سبعين، وكان إبراهيم يومئذ قد آذاه الحرب وحرارة الزّردية (١)، فحسرها عن صدره، فجاء سهم غرب لا يدرى من رمى به، فأصاب حلق إبراهيم فأنزلوه وهو يقول: {وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً} أردنا أمرا وأراد الله غيره، فاجتمع أصحابه عليه يحمونه، فأنكر حميد بن قحطبة اجتماعهم، فحمل عليهم، فتفرقوا عن إبراهيم، فنزل إليه جماعة فاحتزوا رأسه، وبعثوا به إلى المنصور في الخامس والعشرين من ذي القعدة وعمره ثمان وأربعون سنة، فلما وصل البشير بالرأس إلى المنصور .. تمثل بقول البارقي: [من الطويل]

فألقت عصاها واستقر بها النوى ... كما قر عينا بالإياب المسافر

قال خليفة: وكان ممن خرج مع إبراهيم من الفقهاء هشيم، وأبو خالد الأحمر، وعيسى بن يونس، وعباد بن العوام، ويزيد بن هارون، وكان أبو حنيفة رحمه الله يجاهر في أمره، ويأمر بالخروج معه.

قال أبو نعيم: فلما قتل إبراهيم .. هرب أهل البصرة برا وبحرا، واستخفى الناس (٢).

وفي السنة المذكورة-وقيل: في سنة ست-: توفي إسماعيل بن أبي خالد البجلي مولاهم أحد حفاظ الحديث، وعمرو بن ميمون بن مهران الجزري الفقيه، وعبد الملك بن أبي سليمان الكوفي الحافظ، ومحمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، وأبو حيان يحيى بن سعيد التيمي الكوفي.

***


(١) الزردية: درع من حديد.
(٢) «تاريخ الطبري» (٧/ ٦٢٢)، و «المنتظم» (٥/ ١٤٣)، و «الكامل في التاريخ» (٥/ ١٣٥)، و «تاريخ الإسلام» (٩/ ٣٦)، و «دول الإسلام» (١/ ١٣٣)، و «مرآة الجنان» (١/ ٢٩٨)، و «شذرات الذهب» (٢/ ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>