للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرشيد موت يزيد .. عزل روحا عن السند، وسيره إلى إفريقية موضع أخيه، فلم يزل واليا عليها إلى أن توفي بها، فدفن في قبر أخيه يزيد، فعجب الناس من هذا الاتفاق بعد ذاك التباعد والافتراق.

وكان روح بن حاتم من الكرماء الأجواد، ولي لخمسة من الخلفاء: أبو العباس السفاح، وأبو جعفر المنصور، والمهدي، والهادي، والرشيد.

قيل: ولم يتفق ذلك إلا لأبي موسى الأشعري؛ فإنه ولي لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، رضي الله عنهم أجمعين.

٨٢٥ - [الخليل بن أحمد] (١)

الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي الإمام النحوي اللغوي العروضي.

وهو الذي استنبط علم العروض، وحصر أقسامه في خمس دوائر، واستخرج منها خمسة عشر بحرا، ثم زاد فيه الأخفش بحرا سماه الخبب.

قيل: إن الخليل دعا بمكة أن يرزق علما لم يسبق إليه أحد، فلما رجع من حجه .. فتح عليه بعلم العروض.

ومن تأسيس الخليل «كتاب العين» الذي يحصر فيه لغة أمة من الأمم، وهو أول من جمع حروف المعجم في بيت واحد فقال: [من البسيط]

صف خلق خود كمثل الشمس إذ بزغت ... يحظى الضجيع بها نجلاء معطار

ومما يحكى من براعة ذكائه: أنه كان رجل يعطي الناس دواء لظلمة العين ينتفع به الناس، فمات واحتيج إلى ذلك الدواء، ولم يعرف ما هو، ولم توجد له نسخة، فذكروا للخليل فقال: أله آنية يعمل فيها؟ قالوا: نعم، إناء يجمع فيه الأخلاط، قال: ائتوني به، فأتوا به فجعل يتشممه ويخرج نوعا نوعا حتى ذكر خمسة عشر نوعا، ثم عمله وأعطاه الناس، فشفوا به، ثم وجدت النسخة والأخلاط المذكورة فيها ستة عشر، لم يفته منها إلا واحد.

وأعجب من ذلك ما يحكى: أن بعض الحكماء عمي ولم يدر ما سبب عماه حتى يعالجه


(١) «المعارف» (ص ٥٤١)، و «معجم الأدباء» (٤/ ٢١٧)، و «سير أعلام النبلاء» (٧/ ٤٢٩)، و «تاريخ الإسلام» (١٠/ ١٦٩)، و «العبر» (١/ ٢٦٨)، و «مرآة الجنان» (١/ ٣٦٢)، و «شذرات الذهب» (٢/ ٣٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>