للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنت الإمام الذي من بعد صاحبه ... ألقت إليك مقاليد النهى البشر

ما آثروك بها إذ قدموك لها ... لكن لأنفسهم قد كانت الأثر

فأطلقه، وشرط عليه أن يكف لسانه عن الناس، فقال: قد منعتني الكسب يا أمير المؤمنين، فاكتب لي كتابا إلى علقمة بن علاثة لأقصده به، فامتنع عمر من ذلك، فقيل له: ما عليك من ذلك يا أمير المؤمنين، فعلقمة ليس هو من عمالك، وقد تشفع بك إليه، فكتب له عمر إلى علقمة بما أراد، فمضى الحطيئة بالكتاب، فصادف علقمة قد مات والناس منصرفون عن قبره، وابنه حاضر فوقف عليه ثم أنشد: [من الطويل]

لعمري لنعم المرء من آل جعفر ... بحوران أمسى أعلقته الحبائل

فإن تحي لا أملل حياتي وإن تمت ... فما في حياتي بعد موتك طائل

وما كان بيني لو لقيتك سالما ... وبين الغنى إلا ليال قلائل

فقال ابنه: كم ظننت أن علقمة كان يعطيك لو وجدته حيا؟ قال: مائة ناقة يتبعها مائة من أولادها، فأعطاه ابنه إياها، والبيتان الآخران يوجدان في «ديوان النابغة الذبياني» (١) في قصيدة له يمدح بها النعمان بن المنذر الغساني.

قال (٢): ولم ينل أحد من الشعراء الماضين ما ناله مروان بشعره، فمما ناله ضربة واحدة ثلاث مائة ألف درهم من بعض الخلفاء بسبب بيت واحد.

وقد قدمنا في ترجمة معن أن مروان المذكور لم ينتفع بشعره بعد قوله في ترثية معن من قصيدة: [من الوافر]

وقلنا أين نرحل بعد معن ... وقد ذهب النوال فلا نوالا

فكان كلما مدح أحدا .. قال له: ألست القائل:

وقلنا أين نرحل بعد معن ... ................. البيت

اذهب فلا لك عندنا نوال، وقد اتفق له ذلك مع المهدي، ثم ابنه الرشيد.

وأخبار مروان ونوادره كثيرة.

وتوفي سنة اثنتين-أو إحدى-وثمانين ومائة.


(١) «ديوان النابغة الجعدي» (ص ٩٠).
(٢) القائل هو ابن المعتز في «طبقات الشعراء»، نقل كلامه اليافعي في «مرآة الجنان» (١/ ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>