للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحكى أنه رئي على باب قصر ابن ماهان بخراسان صبيحة الليلة التي قتل فيها جعفر كتاب بقلم جليل: [من السريع]

إن المساكين بني برمك ... صبت عليهم غير الدهر

إن لنا في أمرهم عبرة ... فليعتبر ساكن ذا القصر

ولما بلغ سفيان بن عيينة قتل جعفر .. قال: اللهم؛ إنه كفاني مؤنة الدنيا، فاكفه مؤنة الآخرة.

ويحكى أن جعفرا في آخر أيامهم أراد الركوب، فدعا بالأصطرلاب (١)؛ ليختار وقتا وهو في يده، فمر رجل على دجلة في سفينة وهو لا يرى جعفرا، ولا يدري ما يصنع، وهو ينشد هذا البيت:

يدبر بالنجوم وليس يدري ... ورب النجم يفعل ما يريد

فرمى جعفر بالأصطرلاب الأرض، وركب.

ولما قتل جعفر .. أكثر الشعراء في رثائه ورثاء آله، فقال الرقاشي: [من الوافر]

هذا الخالون من شجوي فناموا ... وعيني لا يلائمها منام

وما سهرت لأني مستهام ... إذا سهر المحب المستهام

ولكن الحوادث أرقتني ... فلي سهر إذا هجع الأنام

أصبت بسادة كانوا نجوما ... بهم نسقى إذا انقطع الغمام

ولم يزل يقول إلى أن قال:

على المعروف والدنيا جميعا ... لدولة آل برمك السلام

فلم أر قبل قتلك يا ابن يحيى ... حساما فلّه السيف الحسام

أما والله لولا خوف واش ... وعين للخليفة لا تنام

لطفنا حول جذعك واستلمنا ... كما للناس بالحجر استلام

وقال أيضا يرثيه وأخاه الفضل: [من الطويل]

ألا إن سيفا برمكيا مهندا ... أصيب بسيف هاشمي مهند


(١) شرح المصنف رحمه الله تعالى كلمة (الأصطرلاب) في ترجمة هبة الله بن الحسين الأصطرلابي المتوفى سنة (٥٣٤ هـ‍)، انظر (٤/ ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>