للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمصر، ثم تشظت منه قطع، فوقع في كل بلد شظية، فأوّل بخروج عالم منها يختص علمه بمصر أولا، ثم يتفرق في البلاد.

ولد سنة خمسين بعد موت أبيه بغزة من الأرض المقدسة، ثم حمل إلى عسقلان، فلذا توهم بعضهم أنه ولد بعسقلان، فكفله جده لأمه، وارتحل به البلاد، وحثه على طلب العلم، ونشأ بمكة، وحفظ القرآن بها لتسع سنين، وأخذ القراءات بها عن أصحاب عبد الله بن كثير، وتفقه بمكة على سفيان بن عيينة ومسلم بن خالد الزنجي.

ثم قدم المدينة فحفظ «الموطأ» عن ظهر قلبه حفظا محققا، وقرأ على مالك بن أنس، وبالغ مالك رضي الله عنه في إكرامه، ثم دخل اليمن مع جده عبيد الله، وأخذ عن هشام بن يوسف الأنباري، وأبي حنيفة بن الفقيه سماك، ومطرف بن مازن، والدبري، ثم ارتحل إلى العراق، وأخذ بالكوفة عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، واستعار منه كتب أبي حنيفة.

ثم دخل بغداد، فولى الرشيد قضاء اليمن لمصعب بن عبيد، فاستصحب الشافعي معه لما يتحققه من فقره وانقطاعه وفضله، فلما صار مصعب باليمن .. استناب الشافعي على قضاء نجران، فحكم أحكاما محررة، وصار له باليمن ذكر، فحسده مطرف بن مازن المذكور أولا، فكتب إلى الرشيد: إن أردت اليمن يثبت لك .. فأخرج عنه محمد بن إدريس، فكتب الرشيد إلى نائبه في اليمن حماد اليزيدي أن يصدره إليه، فبعث به إلى الرشيد، قال: فوافق قدومي على الرشيد استيلاء محمد بن الحسن وأبي يوسف عليه، وقد حمل إليه أني من أصحاب عبيد الله بن الحسن لا أرى الخلافة إلا في الطالبيين، وحصل بينه وبينهما محاورات ومراجعات في مسائل فقهية ظهر فيها للرشيد علمه وفضله، فخلع عليه وعليهما، وحمل كلاّ منهما على مركوب، وخص الشافعي بخمسين ألف درهم، ففرقها في طريقه، ولم يصل منزله منها بشيء، فعظم قدره عند الرشيد، فأقام ببغداد مدة صنف فيها كتبه القديمة، ورواها عنه أربعة من جلة أصحابه، وهم: الإمام أحمد ابن حنبل، وأبو ثور، والزعفراني، والكرابيسي.

ثم عزم إلى مصر، فدخلها سنة تسع وتسعين ومائة، فأخذ بها عن الست نفيسة، وصنف بها كتبه الجديدة، ك‍ «الأم» و «الرسالة» وغيرهما.

قال ابن خلكان: (واتفق العلماء قاطبة من أهل الفقه والأصول والنحو والحديث وغير

<<  <  ج: ص:  >  >>