للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحكى أنه دخل يوما على يحيى بن خالد البرمكي وقد جلس لقضاء حوائج الناس وبين يديه ولده جعفر يوقع في القصص، فعرض عليه الفضل عشر رقاع للناس، فتعلل يحيى في كل رقعة بعلة، ولم يوقع في شيء منها البتة، فجمع الفضل الرقاع وقال: ارجعن خائبات خاسرات، ثم خرج وهو يقول: [من الطويل]

عسى وعسى يثني الزمان عنانه ... بتصريف حال والزمان عثور

فتقضى لبانات وتشفى حسائف ... وتحدث من بعد الأمور أمور

والحسائف-جمع حسيفة، بحاء وسين مهملتين ثم فاء-: هي الضغينة، فسمعه يحيى وهو ينشد ذلك، فقال له: عزمت عليك يا أبا العباس إلا رجعت، فرجع، فوقع له في جميع الرقاع، ثم ما كان إلا قليل حتى نكبوا على يديه، وتولى هو وزارة الرشيد بعد البرامكة، وفي ذلك يقول أبو نواس: [من الخفيف]

ما رعى الدهر آل برمك لما ... أن رمى ملكهم بأمر فظيع

إن دهرا لم يرع عهدا ليحيى ... غير راع ذمام آل الربيع

ومات الرشيد والفضل مستمر على وزارته، فكتب إليه أبو نواس يعزيه بالرشيد، ويهنئه بولاية ولده الأمين: [من الطويل]

تعز أبا العباس عن خير هالك ... بأكرم حي كان أو هو كائن

حوادث أيام تدور صروفها ... لهن مساو مرة ومحاسن

وفي الحي بالميت الذي غيب الثرى ... فلا أنت مغبون ولا أنت غابن

ويقال: إنه كان السبب في عزل الأمين لأخيه المأمون عن العهد، وما ترتب على ذلك من الفتنة وخراب بغداد، واستتر بعد ذلك خوفا من المأمون.

وتوفي سنة ثمان ومائتين.

١٠١٦ - [السيدة نفيسة] (١)

نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، السيدة الكبيرة، صاحبة المناقب الجليلة، والمشهد الشهير بمصر.


(١) «وفيات الأعيان» (٥/ ٤٢٣)، و «تاريخ الإسلام» (١٤/ ٤١٤)، و «مرآة الجنان» (٢/ ١٣)، و «النجوم الزاهرة» (٢/ ١٨٥)، و «حسن المحاضرة» (١/ ٤٤٢)، و «شذرات الذهب» (٣/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>