للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولد أعمى، ويقال: عمي من جدري أصابه وهو ابن سبع سنين، وكان أسود أبرص، ومن قصائده الفائقة القصيدة التي يقول فيها: [من المديد]

إنما الدنيا أبو دلف ... بين مغزاه ومحتضره

فإذا ولى أبو دلف ... ولت الدنيا على أثره

كلّ من في الأرض من عرب ... بين بادية إلى حضره

مستعير منك مكرمة ... يكتسيها يوم مفتخره

ويروى أن المأمون قال لأبي دلف الأمير المشهور: أنت الذي قال فيك الشاعر:

إنما الدنيا أبو دلف ...

وأنشده الأبيات، قال: لا يا أمير المؤمنين، بل إنما الذي قال فيّ علي بن جبلة-أو قال: الشاعر-: [من الطويل]

أبا دلف يا أكذب الناس كلهم ... سواي فإني في مديحك أكذب

فأعجب المأمون بذلك، ورضي عنه.

ويقال: إن المأمون لما بلغته هذه القصيدة .. غضب وقال: اطلبوا ابن جبلة حيث ما كان، وائتوني به، فلم يقدروا عليه؛ لأنه كان مقيما بالجبل، فلما اتصل به هذا الخبر .. هرب إلى الجزيرة الفراتية، وقد كان يكتب فيه إلى الآفاق: أن يؤخذ حيث كان، فهرب من الجزيرة حتى توسط البلدان الشامية، فظفروا به، وحملوه مقيدا إلى المأمون، فلما وصل إليه .. قال له: يا ابن اللخناء؛ أنت القائل في قصيدتك للقاسم بن عيسى-يعني أبا دلف-: [من المديد]

كل من في الأرض من عرب ...

إلى آخر البيتين.

جعلتنا ممن يستعير المكارم والافتخار به؟ ! قال: يا أمير المؤمنين؛ أنتم أهل بيت لا يقاس بكم؛ لأن الله تعالى اختصكم لنفسه على عباده، وآتاكم الكتاب والحكمة، وآتاكم ملكا عظيما، وإنما ذهبت في قولي إلى أقران القاسم بن عيسى وأشكاله، قال: والله؛


(٣) - (١٠/ ١٩٢)، و «تاريخ الإسلام» (١٥/ ٣٠٦)، و «الوافي بالوفيات» (٢٠/ ١٧٣)، و «مرآة الجنان» (٢/ ٥٣)، و «شذرات الذهب» (٣/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>