للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قائلا يقول له: يا بشر؛ طيبت اسمي، لأطيبن اسمك في الدنيا والآخرة، فلما انتبه من نومه .. تاب وأناب.

واختلف في سبب حفائه:

قيل: إنه كان في داره مع جماعة ندماء له في اللهو واللعب، فدق عليهم الباب داق، فقال للجارية: اذهبي فانظري من بالباب، ففتحت؛ فإذا فقير على الباب، فقال: سيدك حر أم عبد؟ فقالت: بل حر، فقال: صدقت، وذهب وخلاها، فأخبرت سيدها خبره، فخرج يعدو في إثره حافيا وهو يقول: بل عبد، بل عبد، ولم يلحقه، فرجع ولزم الحفاء، فقيل له في ذلك، فقال: الحالة التي صولحت عليها لا أحب أن أغيرها.

ويقال: إنه جاء إلى إسكاف يطلب منه شسعا لإحدى رجليه وكان قد انقطع، فقال له الإسكافي: ما أكثر كلفتكم على الناس! فألقى النعل من يده والأخرى من رجله، وحلف لا يلبس بعدها نعلا.

يحكى: أنه أتى باب المعافى بن عمران فدق الباب، فقيل: من هذا؟ فقال: بشر الحافي، فقالت بنت من داخل الدار: لو اشتريت نعلا بدانقين .. لذهب عنك اسم الحافي.

قيل له: بأي شيء تأكل الخبز؟ قال: أذكر العافية فأجعلها إداما.

ومن دعائه: اللهم؛ إن كنت شهرتني في الدنيا لتفضحني في الآخرة .. فاسلب ذلك عني.

ومن كلامه: عقوبة العالم في الدنيا أن يعمى بصر قلبه.

وقال: من طلب الدنيا .. فليتهيأ للذل.

وتكلم رحمه الله تعالى في الورع وعدم طيب المطاعم، فقيل له: ما نراك تأكل إلا من حيث نأكل؟ ! فقال: ليس من أكل وهو يبكي كمن أكل وهو يضحك.

وفي رواية قال: أكلتموها كبارا، وأكلتها صغارا.

وتوفي رحمه الله سنة سبع وعشرين ومائتين.

وكان له ثلاث أخوات ورعات زاهدات عابدات: مضغة-وهي الكبرى-ومخّة، وزبدة، رحمهم الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>