للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شبهوا الثغر بالبرد, ثم حذفوا التشبيه, ومثل ذلك في الكلام كثير. قال النابغة: [الكامل]

تجلو بقادمتي حمامة أيكةٍ ... بردًا أسف لثاته بالإثمد

وقوله: خشيت أذيبه حذف أن, ومثله كثير, وحذفها إذا كانت وما بعدها في موضع المفعول أحسن من حذفها إذا كانت هي وما يليها في معنى الفاعل؛ فقولك: أريد أقوم أحسن من قولك: آن لزيدٍ يقوم؛ لأن المفعول فضلةٌ, والفاعل لا يجوز تركه كما يجوز ترك المفعول, ومما حذفت فيه أن وهو في موضع رفع قول ذي الرمة: [الوافر]

لحق لمن أبو موسى أبوه ... يوفقه الذي رفع الجبالا

أراد: أن يوفقه.

وقوله:

يا حبذا المتحملون وحبذا ... وادٍ لثمت به الغزالة كاعبًا

حب وذا عندهم كالشيء الواحد, وقال بعضهم: هي سادة مسد الابتداء, ولم يقولوا: حب ذه. وكان القياس أن يقولوه إذا جاؤوا بالمؤنث, فقالوا: حبذا هند, وذا هاهنا واقع على الشيء, وذا مرفوع بحب, والاسم الثاني بدل من ذا, فربما كان معرفةً وربما كان نكرةً؛ فقوله: المتحملون بدل معرفة من معرفة, وقوله حبذا وادٍ بدل نكرة من معرفة, وتأول حبذا على هذا الوجه أحسن من تأولها على أنها سادة مسد المبتدأ.

والغزالة: ارتفاع الضحى, ثم كثر حتى سموا الشمس غزالة, وهي في هذا البيت الشمس بعينها. قال ذو الرمة: [الوافر]

فأشرفت الغزالة رأس حوضى ... أراقبهم فما أغني قبالًا

<<  <   >  >>