شبه خيله وغبارها بالسحب فهي تمر بحصن الران ممسكة, وليس إمساكها من بخل, ولكنها نقم؛ فهي لا تمطر إلا في أرض العدو.
وقوله:
جيش كأنك في أرضٍ تطاوله ... فالأرض لا أمم والجيش لا أمم
يقول: كأنك في أرض تطاوله وهي واسعة جدًا, وعدد الجيش كثير فكلاهما غير أمم. والأمم: الشيء بين الشيئين, يقال: دار بني فلان أمم؛ أي: بين القريب والبعيد. قال الشاعر: [الهزج]
أطرقته أسماء أم حلما ... أم لم تكن من رحالنا أمما
وقوله:
إذا مضى علم منها بدا علم ... وإن مضى علم منه بدا علم
العلم من الأرض مثل الجبل, والعلم: علم الجيش معروف, وكلاهما من العلامة لأنه مؤد إلى العلم بالشيء. ولو قال: وإن بدا عالم منه بدا علم لكان أحسن في حكم الشعر, ولعل أبا الطيب كذلك قال لأن تكرير العلم في البيت كثير, وقوله في صفة الجيش: وإن بدا عالم يقلل تردد العلم, ويدل على كثرة الجيش.
وقوله:
وشزبٍ أحمت الشعرى شكائمها ... ووسمتها على آنافها الحكم
الشعرى: نجم يطلع في شدة الحر, وتنسب العرب إليها ذلك؛ فيقولون: يوم من أيام الشعرى. قال الشنفرى: [الطويل]
ويومٍ من الشعرى يذوب لعابه ... أفاعيه في رمضائه تتململ
وقوله: يذوب لعابه كقول الراجز: [الرجز]
وذاب للشمس لعاب فنزل ... وقام ميزان النهار فاعتدل